الأحد، ٢٩ مايو ٢٠١١

المرأة السعودية وقيادة السيارة

كتابة هدى عثمان

بقدر ما آلمني خبر القبض على السعودية منال الشريف في مدينة الخُبر لتحدّيها الحظر المفروض على قيادة المرأة للسيارة، بقدر ما أسعدتني هذه المبادرة (أو المخاطرة) التي قامت بها هذه المرأة الشجاعة التي آمنت بحقها الأساسي في حرية التنقل والسعي لتلبية احتياجات منزلها وأطفالها دون انتظار إذن وصيّ أو توافر رجل يقود لها سيارتها.

عند محاولتي البحث عن مقطع الفيديو المذكور في الَخَبَر، لم أجد سوى مقاطع تستهزأ بمنال وأقل ما يقال عن الذين قاموا بتصويرها او عمل المونتاج الفني لها بأنهم عديمو الاحترام ومعادون للمرأة misogynistic ومحقّرون لحقها في حرية التعبير. لم أندهش كثيراً لأنّي عشت بنفسي تجارب مماثلة طيلة فترة حياتي التي عشتها في السعودية و عوملت كإنسانة درجة ثانية وربما ثالثة ورابعة كوني ليس فقط غير سعودية ولكن أيضا فتاة عليها فقط تغطية وجهها والذهاب الي المدرسة والعودة الى المنزل في صمت.

ما يثير الاهتمام ليس فقط الحظر المفروض على قيادة المرأة للسيارة في المدن، وإنما حقيقة أن المرأة البدوية التي تملك تجارة للماشية والألبان في الصحراء لها حريّة قيادة سيارتها النصف نقل (المعروفة باسم "الوانيت" في دول الخليج) والتنقل من البادية لأطراف المدينة لتسيير أمور تجارتها بعيداً عن سلطة البوليس الديني (المعروفة باسم هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر).

هي سخرية القدر حين يكون مجتمع البادية أكثر تحرراً من المدينة حيث تفرض قلة من الرجال رؤيتها على مجتمع بأكمله وتحرم المرأة من حريتها في التنقل والتعبير عن اعتراضها على الأوضاع القائمة.

ملحوظة: باتت محاولتي في الدخول على موقع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالفشل، فإمّا أن الموقع محجوب عن الرؤية في الولايات المتحدة أو أن المسوولين عنه غير مهتمّين بتحديثه. اسم الموقع يرتبط بمفهوم "الحِسبة" في الاسلام. ذلك حديثٌ ليوم آخر إنشاء الله

ملحوظة ٢: أخيراً وجدت الفيديو بترجمة انجليزية ، وموقع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

الأزمة التاريخية لليبرالية في مصر

كتابة هدى عثمان

حين سؤل صديقي صاموئيل تادروس (احد الباحثين في تاريخ الليبرالية والحاصل مؤخرا على درجة الماجستير من مركز دراسات الديمقراطية والحوكمة من جامعة جورج تاون) عن ما إذا كان للليبراليين اي فرصة في الفوز في الانتخابات البرلمانية القادمة ، اجاب بالنفي معولا ليس فقط علي مدى تواجد اوقوة الاحزاب الليبرالية او غيرها من القوى المضادة بل ايضا على هيكل النظام الانتخابي في مصر وكيفية تقسيم الدوائر الانتخابية.

ولكن ما دفعني لذكر مقالة تادروس هو الجزء الذي يسرد فيه مختصراً لازمة الليبرالية في تاريخ مصر الحديث.

في هذا الصدد يقول تادروس:

أزمة الليبرالية المصرية هي قصة طويلة ومحزنة. قصة بدأت مع ظهور طبقة المثقفين (الافندية الجدد) التي لم تنشأ من طبقة وسطى مستقلة كما حدث في الطبقة البرجوازية في اوروبا ، بل انبثقت من بيروقراطية الدولة. وكان الهدف الاساسي لهذه الطبقة هو تنفيذ برنامج حداثي متناقض الهوية ترعاه الدولة وتفرضه على بقية الشعب. هي قصة علاقة معقدة هي خليط من اعجاب وكراهية تجاه الغرب بوصفه ممثلا للحداثة Modernity. وهي أيضا قصة الفشل في فهم الحداثة وعدم التمييز بينها وبين التنوير Enlightenment مما أدى الى عدم قدرة هذه الطبقة على التعامل مع الدين. وبالتالي فإن الأزمة الراهنة التي تواجه الليبرالية في مصر ليست جديدة ، بل هي مظهر آخر من مظاهر الأزمة التي تناولها نداف سافران قبل خمسين عاما في كتابه "مصر: البحث عن مجتمع سياسي".

ظل المشروع الليبرالي المصري مشروعاً تتبناه الدولة وترعاه تحت غطاء الحداثة، وظل الليبراليون المصريون دائما ما يخاطبون الممثل الوحيد لليبرالية والذي يرعى مشروعهم : ألا وهي الدولة ، أو بتعبير أدق ، الحاكم ذاته. فإذا كان الحاكم هو الذي يحمل مفاتيح تحقيق حلم الليبرالية فلمَ يتكبد المفكرون الليبراليون عناء مخاطبة عامة الناس وكسب تأييدهم؟
وهكذا فقد كانت النتيجة الطبيعية هو اسقاط الشعب من المشروع الليبرالي وانفصال تلك النخبة عن رجل الشارع، بل وأصبح مفهوم القومية Nationalism هو خيار النخبة المثقفة في الخطاب السياسي الموجه لبقية الشعب.

لم تتمكن نخبة المثقفين في مصر من التغلب على علاقة الحب-والكراهية مع الغرب. فقد اعتبر المثقفون التقدم العلمي والتكنولوجي مجرد مجموعة من النتائج دون الاعتراف بالروح الفلسفية المؤسسة لها. وظهر مفهوم القومية كحل لهذه المعضلة. على سبيل المثال كتب جمال الدين الأفغاني أن الغرب هو كيان موحد وأن الشرق عليه أيضا تحقيق الوحدة إن أراد النجاح في المنافسة. إذن فالمذهب القومي في الشرق الأوسط ، كما ذكر المؤرخ البريطاني إيلي كيدوري ، هي فكرة مستوردة من الغرب ، ولكنها كانت أيضا وسيلة لمواجهته. وبذلك وتبعا روح العصر في 1930s ، كان لا بد أن يفقد التيار القومي أي سمة من سمات الليبرالية التي بدأ بها، بل وتبنى لهجة مناهضة لليبراليةكما هو التقليد في الايديولوجيات الشمولية المختلفة كالفاشية في البداية ، ثم القومية العربية ، وأخيرا ، الأسلمة.

لقد تم نمذجة المشروع الليبرالي المصري على غرار الطريقة الفرنسية حيث تم إرسال الكثير من الطلبة في بعثات دراسية عادوا منها مشبعين بأفكار فرنسية خاصة وقد كانت فرنسا حينها القوة الوحيدة في وجه الاستعمار البريطاني، وبالتالي المصدر الملهم لطبقة المثقفين وقتها. وهكذا فقد شكّلت الروية الفرنسية للعالم طريقة تفكير المثقفين المصريين .وأصبحت حركة التنوير الفرنسية هي المعيار ، وباتت العلمانية الفرنسية هي النموذج المحتذى ، فبالرغم من أن المثقفين المصريين وقتها لم يتبعوا نموذج أتاتورك المتطرف ضد الدين إلا أنهم ودون إدراك لم يختلفوا كثيراً عنه. فهم لم يتناولوا أهمية الدين والدور الذي يلعبه في المجال العام ومن ثَم تجاهلوا تماماً العامة وتبنوا أفكاراً مناهضة للغرب ورافضة للحوار معه.

ينهي تادروس الجزء التاريخي في مقالته بأن "مشكلة الليبراليين وقتها أنهم قرأوا لفولتير Voltaire و روسوRousseau ولكن لم يقرأوا سطراً واحداً لادموند بيرك Burke "


صوت الاخوان صبحي صالح والاستخفاف بالخطاب السياسي

كتابة هدى عثمان

أعجب من بلد تعيّن شخصاً مثل صبحي صالح عضواً في لجنة تعديل الدستور وتوكل إليه جزءاً خطيراً وحسّاساً من تقرير المستقبل.
ليس فقط لكذبه العلني في برنامج ذي شعبية هائلة كالعاشرة مساءاً ولكن أكثر لنزواته الكلامية التي يعود فيبررها "بالاجتزاء" وتجريد كلامه من سياقه بحجّة الفكاهة في ملتقى عام.

لا أعتقد أن عرض فكر الاخوان في "التغيير السلمي المتدرّج " بمشروع الهندسة الاجتماعية الذي يبدأ بزواج الاخواني من الاخوانية وتكوين الأسرة الاخوانية التي تنتج أفراداً إخوانيين، لا أعتقد أن كل ذلك يحتمل الفكاهة والهرج والاستخفاف بعقول المستمعين "غير الاخوانيين" الذين بالأصل يغلبهم الشك والريبة تجاه الكثير من مواقف الاخوان المتذبذبة أحيانا والمتطرفة أحيانا أخرى.

إذا حدث المتوقّع وفاز الاخوان بأغلبية مقاعد البرلمان فسيكون أمثال صبحي صالح هم المتحدّثين بأصوات عالية بعيداً كل البعد عن الفكاهة أو الدعابة.

وأقول لصبحي صالح وأمثاله من المتلاعبين بالخطاب السياسي إن غداً لناظره قريب.

الشيخ علي عبد الرازق و الدولة المدنية

كتابة إسلام إبراهيم حسين

في مناظره الأستاذ صبحي صالح مع الدكتور خالد منتصر أمس على قناة دريم مع الإعلامية منى الشاذلي، أثرت نقاط شيقة جدا أثناء الحوار. و منها قضية الشيخ علي عبد الرازق مؤلف كتاب الإسلام و أصول الحكم. ففي هذا الكتاب، و عن طريق الدراسة المتأنية، يقدم لنا الشيخ عبد الرازق بحث في الخلافة و الحكومة في الإسلام. و من أهم استنتاجاته أنه ليس هناك أساس في الإسلام لفكر الدولة الإسلامية، و أن الخلافة حرف معناها من مضمونها الاجتماعي بعد وفاة الرسول عليه الصلاة و السلام مباشرة إلى معنى سياسي لأسلمة الدولة.

حرصا مني على قراءة هذا البحث، وجدته موجود على الانترنت، و وددت أنا أشاركه مع قراء مدونة ليبرالية. فها هو كتاب الإسلام و أصول الحكم  (pdf). 

و أود أيضا أن أشارك بأهم استنتاج من البحث في هذا الإقتباس:
و الحق أن الدين الإسلامي بريء من تلك الخلافة التي يتعارفها المسلمون و بريء من كل ما هيأوا حولها من رغبة و رهبة و من عز و قوة و الخلافة ليست في شيء من الخطط الدينية كلا و لا القضاء و لا غيرهما من وظائف الحكم و مراكز الدولة و إنما تلك كلها خطط سياسية صرفة لا شأن للدين بها فهو لم يعرفها و لم ينكرها و لا أمر بها و لا نهى عنها و إنما تركها لنا لنرجع فيها إلى أحكام العقل و تجارب الأمم و قواعد السياسة كما أن تدبير الجيش الإسلامية و عمارات المدن و الثغور و نظام الدواوين لا شأن للدين بها و إنما يرجع الأمر فيها إلى العقل و التجريب أو إلى قواعد الحروب أو هندسة المباني و أراء العارفين. لا شيء في الدين يمنع المسلمين أن يتسابقوا الأمم الأخرى في علوم الاجتماع و السياسة كلها و أن يهدمه ذلك النظام العتيق الذي ذلوا له و استكان إليه و أن يبنوا قواعد ملكهم و نظام حكومتهم على احدث ما أنتجت العقول البشرية و أمتن ما دلت تجارب الأمم على أنه خير أصول الحكم. و الحمد لله الذي هدانا لهذا و ما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله و صلى الله على محمد و آله و صحبه و من والاه.

السبت، ٢٨ مايو ٢٠١١

الإسلام و طريق الحرية

كتابة إسلام إبراهيم حسين

في هذا الفيديو يشارك المفكر الإسلامي (الليبرالي) التركي مصطفى أكيول بأفكاره عن الإسلام و الحرية. ها هي النقاط الأساسية التي يناقشها في هذه المحاضرة:
  1. في زيارة له إلى مكة المكرمة، وجد أن الرجال و النساء يصلون و يطوفون معا جانبا إلى جنب في الحرم الشريف. لماذا هذه الملحوظة مهمة؟ مهمة لأن هذا هو المكان الوحيد في المملكة السعودية التي يمكن للرجال و النساء الاختلاط فيه! و ليس هذا فقط، لكن إذا كان هناك مكان في الأرض هو كما كان أيام رسول الإسلام عليه السلام، فهو الكعبة. فهذا معناه أنه حتى أيام الرسول الكريم، كان محيط الكعبة به رجال و نساء يصلون و يطوفون جانبا إلى جنب.
  2. أضف إلى ذلك أنا عزلة النساء لا تجده في القرآن بالمرة. عزلة النساء في المجتمع جاءت بعد الرسول عليه الصلاة والسلام بوقت طويل كنوع من الرجوع إلى العادات التي كانت موجودة قبل عهد الرسول. و هي عادة استمدها أهل بلدان الشرق الأوساط من البيزنطيين. 
  3. هذا ماهو إلا مثال واحد على ظاهرة عامة في "ثقافة المسلمين". فهناك جوهر للإسلام واضح و لكن في بلدان الإسلام، أضاف المجتمع عادات ليست من ضمن هذا الجوهر الإسلامي و أعطته صفة إسلامية. 
  4. هناك درسين في هذا: أولا، المسلمين الحريصين على دينهم بحق يجب أن يفرقوا بين عادات مجتمعاتهم اللاسلامية و و تعاليم الإسلام الحقة. ثانيا، على الغير مسلمين أن يحرصوا ألا يحكموا على الإسلام بناءا فقط على أفعال  المسلمين. فقد تكون هذه الأفعال منسوبة إلى الإسلام بالخطأ و هي لا تمط للإسلام بصلة و ما هي إلا عادات إجتماعية رجعية من قبل عصر الإسلام.
  5. فمثلا، الختان للأنثى ماهو إلا عادة موجودة فقط بين الشمال إفريقيين و ليست مستمدة من الإسلام. فهي عادة تمارس من قبل قدوم الإسلام و حتى إلى هذا الوقت، يمارسه الشمال إفريقيين من غير المسلمين. نفس الكلام ينطبق على القتل بسبب جرائم الشرف كمثال أخر. 
  6. هذا ليس كل إهتمام أكيول، فهو أيضا مهتم بالثقافة السياسية، و بالأخص ثقافة الحرية و الديمقراطية في مقابل ثقافة الإستبداد، و بالأخص النظم الإسلامية المستبدة مثل السعودية، و إيران و أسواؤهوم على الإطلاق هو نظام الطالبان في أفغانستان. فمثلا في السعودية هناك البوليس الإسلامي الذي يفرض على النساء لبس النقاب، مثلا. و قد سأل أكيول نفسه، هل هذه الظاهرة هي فقط مرتبطة بالإسلام و المسلمين؟ فوجد أن الإجابة هي لا! ففي تركيا مثلا هناك بوليس ملحد  يفرض على النساء عدم لبس الحجاب. ففرض عدم ارتداء الحجاب يعد في مرتبة فرض لبس الحجاب، فكلاهما فكر استبدادي يفرض على النساء الظهور بشكل معين. فكلاهما نوع من الإستبداد لأنه لا يعطي المرأة حق الإختيار في اللبس. فهذا دليل على أن الإستبداد هو ثابت في الفكر في هذه المنطقة و ليس محدود فقط للمسلمين. 
  7. هذا كان دافع لكتابة كتابه  "الإسلام بدون تشدد: موقف إسلامي  للحرية". فالإسلام بحثه على مسئولية و حقوق الفرد بذاته قدم فكرة الفرد و الفردية للشرق الأوسط، على غرار الفكر الجماعي الذي كان موجود أيام قبائل ما قبل الإسلام. فهذا دليل على أن الفكر الجماعي الغير فردي، مستمد من العادات و التقاليد التي سبقت الإسلام بإحترامه للذاتية و للفرد. فليس هناك مثلا حد للردة في القرآن، و لا حد لشرب الخمر ايضا! هذه الحدود التي هي مقلقة للكثيرين جاءت في وقت لاحق و ليست مستمدة من الإسلام. فالمسلم الواعي يعرف أن بعض تلك الحدود جاءت في وقت لاحق تم الوصول إليها طبقا لترجمات عصر معين مثل العصور الوسطى، و هي لا تنفع للعصر الحالي بمستجداته.
  8. و من الباعث للأمل هو أن هناك، في القرن ال ١٩،كانت حركة إصلاحية إسلامية ليبرالية كاملة مكونة من مفكرين و علماء دين ممن انفتحو و زارو الغرب و رأو الكثير مما أثار إعجابهم مثل التقدم التكنولوجي، الديمقراطية، النيابة البرلمانية، و المساواة، و رأو أنا ليس هناك تعارض بين الإسلام و الكثير من هذه الأفكار و التوجهات الموجودة في الغرب. و رأو أيضا أن هناك الكثير من التفاسير و الترجمات للإسلام التي هي فعلا ليست من جوهره و رأو أنه يجب مراجعة تلك الترجمات و التفاسير. فمن نتيجة ذلك تقبلهم لفكرة المساواه بين المواطنين،أيا كانو مسلمين، مسيحيين، أو يهود. و كذلك تقبلهم لفكرة الديمقراطية، و النيابة البرلمانية، و الدستور، و الحريات الذاتية. و سوف ترى هذه الاتجاهات في الدولة العثمانية في أواخر أيامها و كذلك في بعض الدول العربية.
  9. لكن في القرن ال ٢٠ بدأت تلك الحركات المتطلعة للتجديد في الانكماش. و بدلا لها ظهرت الحركات الإسلامية السياسية، التي كان طبعها حاد، عادة ما تكون استبدادية التطلع، معادية للغرب و لها نظره مثالية خيالية (utopian). و من ضمن أكثر هذا الطيار تشددا هو ظاهرة الإرهاب التي يؤمن (كما أؤمن أنا) مصطفى أكيول أنها ليست من الإسلام على الإطلاق. 
  10. لكن هنا يثار سؤال مهم: لماذا إذا كان الإسلام بنظرته المنفتحة الليبرالية ذو شعبية في القرن ال ١٩، لماذا جاء بدلا منه الإسلام المتشدد في القرن ال ٢٠؟ أولا، خلال القرن ال ١٩، المسلمون كانو ينظرون إلى الغرب كمثال يحتذى به. في القرن ال ٢٠ أصبح الغرب مستعمرا، و كما أن كان هناك حركة إستعمارية، فكانت هناك حركة مضادة للاستعمار. فأصبحت أوروبا عدو و ليست مثالا. و هذا أدى إلى الكثير من الرجعية و الالتفاف حول القومية ألعربية، فالاشتراكية إلى أن انتهى بها المطاف إلى الإسلام السياسي المتشدد. و زاد التين بله حين استبدل الاستعمار الغربي بنظم علمانية ديكتاتورية. و زاد من الموقف سوءا أن بعض القوى الغربية ساندت تلك الديكتاتوريات مما زاد كره الإسلاميين للغرب و إستخدامهم للغرب (و بالذات الولاية المتحدة) كعدو، و بالذات أن تلك الديكتاتوريات قمعت الاسلاميين بشدة مما جعل لهم قضية يحاربون من أجلها.
  11. هذا حدث في جميع دول الشرق الأوسط ماعدا تركيا. فتركيا لم تستعمر من أحد، و لذلك نظرتها للغرب ليست بنفس السلبية كنظرة شعوب  دول المنطقة الأخرى. ثانيا، تركيا كان بها ديمقراطية قبل الدول الأخرى في المنطقة. في ١٩٥٠، كان هناك إنتخابات ديمقراطية أنهت الحكم الأتقراطي المستبد السابق للانتخابات. و قد رأى المسلمون الأتراك أنه هناك طرق لهم لتغيير النظام بصورة ديمقراطية. فكانت الديمقراطية صديقة لهم و ليست عدوة. 
  12. ثانيا، في ال ٢٠ سنة الماضية، شكرا للعولمة، و إقتصاد السوق، و نمو الطبقة الوسطى، عاد ظهور حركة إسلامية تقدمية ليبرالية رأت مشاكل في نظرة التراث القديم، و بداءت أن تحللها و تعيد النظر فيها لتقديم رؤية حديثة تلائم العصر الحالي. و لهذا، الإنضمام إلى الاتحاد الأوروبي قوبل بالموافقة من قبل مسلمي تركيا، لأن من منظورهم، أوروبا ليست عدو. 
  13. و لهذا، نجحت تركيا في خلق حركة إسلامية متماشية مع الديمقراطية بل و أيضا ساهمت تلك الحركات في تكوين شكل المجتمع التركي الحديث. 
  14. و مع الحركات التحررية التي بدأت في تونس و مصر بداءت الشعوب إعادة إحياء نفسها بطبيعتها الدينية المحافظة و التي لم تكن كما حذر الدكتاتوريين شعوب متعصبة متشددة إسلاميا. و بالطبع هذه العملية سوف تأخذ وقتها تجاه الحرية و الليبرالية التقدمية، بطريقة تناسب تاريخها، و مجتمعها بتحدياته، و يجب أن يعطو الفرصة كاملة لتحقيق ذلك.
يمكنك الحصول على كتاب مصطفى  أكيول بعنوان "الإسلام بدون تشدد: موقف إسلامي للحرية" عن طريق أمازون.

ما بعد فتح معبر رفح

كتابة إسلام إبراهيم حسين

فتح معبر رفح بصورة دائمة خبر عظيم جدا. لكن مع كدة لازال هناك المزيد يجب تحقيقه للاستفادة الكاملة من فتح المعبر. ملخص تلك المطالب هو إنه المعبر يفتح بالكامل، و بالتفصيل:
  1. لا يقصر فتح المعبر فقط لمرور (بعض) الأفراد و المعونات لقطاع غزة. فالماعونات يدوبك فقط تعيش الغزاوية من يوم ليوم، و تخليهم دايما معتمدين على الآخرين لمعونتهم. فلازم فتح المعبر للتجارة بحرية بين الشعب الغزاوي و الشعب  المصري. فده يفيد الشعبين. الشعب الغزاوي بالأخص يقدر يحصل على منتجات صعبة الإنتاج في غزة، و برضو يصدر منتجاته عشان يربح منها. و بكدا ينتعش السوق الغزاوي، و مايكونش معتمد إعتماد كامل فقط على المعونات. 
  2. يسمح بعبور جميع الأعمار، و مش بس دول اللي تحت ١٨ سنة و فوق ال ٤٠. فالأعمار ما بين ال ١٨ و ال ٤٠ هي شريحة مهمة جدا لانتعاش السوق الغزاوي. فديه الفئة الأقدر على القيام بعملية نقل البضائع بين الشعبين. 
أما بالنسبة للإسرائيليين و غيرهم اللي بيدعوا إن فتح المعبر هيسهل عبور الأسلحة و يزود "الإرهاب" فيكفي إنه  نسألهم: يعني هو غلق المعبر كان وقف عبور الأسلحة أو "الإرهاب"؟ بلاش تخويف بقا و خلينا نخلي أهل غزة يعيشوا عشان إحنا كمان نعيش.

إضافة: و اللي خايفين على إسرائيل لازم يقرأوا المقالة دي.

التخوين و غياب سيادة القانون

كتابة إسلام إبراهيم حسين

عجبني جدا بيان الأستاذ محمد صبحي في برنامج واحد من الناس. نقطة أود أن أوضحها هو إنه طبيعي أن نكون مختلفين، و قوة مجتمعنا تكمن في تعددنا لو عرفنا نبطل التخوين و عرفنا نحترم سيادة القانون، و لو ماعجبناش القانون، نغيره بالقانون، مش بالعنف و لا التخوين.


الجمعة، ٢٧ مايو ٢٠١١

فوائد التعددية

 كتابة إسلام إبراهيم حسين

التعددية في المجتمع شيء مهم و مفيد جدا. التعددية السياسية، التعددية العقائدية، التعددية الثقافية، أيا كان نوع التعددية، فهي شيء محبذ جدا في أي مجتمع عشان التقدم يتحقق. 

فمثلا التعددية السياسية مفيدة لأن كل نظرية أو فلسفة سياسية ليها حاجات هي صح فيها و ليها بعض نقاط الضعف. كل واحد طبعا شايف إن فلسفته هي الصح (و أتمنى أن يؤمن إنها برضو قد تحتمل الخطأ، كما قال الإمام الشافعي) و فلسفة الآخرين خطأ و تحتمل الصحة. فالتعددية السياسية أولا تسمح لكل فلسفة أن تقدم نفسها و حلولها لقضايا معينة  للمجتمع. ثانيا، كون  هناك تعددية، أصحاب الفلسفات الأخرى هيقومو بإبراز عيوبها و قصورها في حل قضايا معينة. و ده هيدي فرصة (تحت التعددية) إنو صاحب الفلسفة المنتقدة من توضيح نفسه بحرية، و إن كان أصحاب الفلسفة مالهمش رد جاهز للانتقادات الموجهة لفلسفتهم، فده يفرض عليهم إنو يراجعوها و يحسنوها، و يقووها. أو بمعنى آخر، لو صاحب الفلسفة المنتقدة مقتنع مية في مية إن فلسفته لا يمكن أن تكون خطأ، فده معناه إن فهمه ليها أو تعبيره عنها ينقصه شيء و يصبح الانتقاد فرصة لصاحب الفلسفة إنه يحسن فهمه ليها أو يحسن تقديمها للمجتمع، أو الاتنين! ففي جميع الأحوال، التعددية السياسية تفيد كل فكر سياسي، و كل صاحب فكر سياسي هو مهتم إنه ينشره. 

و المجتمع ككل يستفيد. فالحوار المفتوح بين جميع الاتجاهات السياسية يفيد المستمع كما هو يفيد المتحاورين. فبكدة يكون فيه وعي إجتماعي مبني على أحسن ما يقدر عليه أصحاب الأفكار السياسية. 

فمثلا، قادة الفكر الشيوعي و الاشتراكي هيقدموا و يحيوا فوايد المشاركة الاقتصادية. الليبراليين التحرريين هيقدموا و يحيوا فوايد الحرية الفردية في العقيدة و التجارة و الفكر، و السوق الحر الخالي من التدخل الحكومي. الليبراليين الديمقراطيين الاجتماعيين هيقدموا و يحيوا فضل السوق الحر المخلوط بالتدخل الاقتصادي الحكومي. الإسلاميين هايدعوا لأهمية التوجه الديني القيمي في مؤسسات الدولة الرسمية.  و نفس الشيء لكل توجه سياسي آخر، و التوجهات السياسية المختلفة داخل كل توجه من التوجهات الأساسية دي. و لكن في نفس الوقت، الليبراليين هيفكروا بعض الاشتراكيين و الديمقراطيين الاجتماعيين إن خلط الدولة بالمال و الاستثمار فيه مشاكل كتير مثل الفساد، و هبوط الإستثمار، و ضعف جودة الخدمة أو المنتج، الخ. الاشتراكي هيفكر بعض الليبراليين الرأس ماليين من مخاطر تحكم الشركات الخاصة على نظام الحكم، أو مخاطرها تجاه العامل من حيث الأجر و الصحة و التأمين ضد الحوادث المرتبطة بالعمل، و أيضا، مثلا، مخاطرها تجاه عملاء و زباين الشركات دي. و ذوي الميول العلمانية للدولة، مثلا، هيذكروا الإسلاميين بخطورة خلط الدين و السياسة و الدولة. 

الكل هيسيب الآخرين يشرحوا وجهة نظرهم بحرية، لكن هيكون لهم الفرصة متاحة و بحرية كاملة لانتقادهم، و للآخرين حرية كاملة للدفاع عن أفكارهم، و تحسين عرضها على الجميع. فمع الوقت كلنا نستفيد عن طريق تصحيح المفاهيم، تحسين أفكارنا و طريقة عرضنا لها، و زيادة ثقافة المجتمع ككل عن طريق الانفتاح لكل الأفكار دي. 

و نفس الشيء ينطبق على أمور الدين و الثقافة. التعددية أولا تفيد كل واحد فينا بأنها تسمحلنا جميعا حرية العقيدة و التثقف. ثانيا هي بتضمنلنا حق التعبير عنها و الدعوة إليها. و عن طريق إعطاء الأخرين حق الانتقاد، هيكون لنا حق الرد، و إن مكناش جاهزين بإجابة واضحة لنفسنا الأول، فهي تخلق ضغط علينا إنه إحنا نفهم أفكارنا و معتقداتنا صح أولا عشان نعرف نقدمها للآخرين بصورة أحسن (و إلا كنا بندفع و ندعو الى شيء إحنا نفسنا مش مؤمنين به، و ده نوع من عدم الصدق الفكري و العقائدي، أو أسوأ، نوع من التتابع الأعمي كتتبع الحمار لسائقه). و إن كنا خطأ نعترف بخطأنا، و إن ماعترفناش علانية، فعلى الأقل نعرف أنه موقفنا تجاه قضية عقائدية أو فكرة ثقافية معينة مكنتش مظبوطة أوي و من الأحسن نتركها و لا نعود إليها).

توضيح جانبي: و هنا لازم أوضح إن الليبرالية السياسية ليس من برنامجها إنها تفرض التعددية (شوية مذاهب ليبرالية، بالذات في كندا مثلا) تفرض التعددية عن طريق بعض القوانين. و ده من منظور سطحي يبدو مفيد، و هو فعلا ليه بعض الفوايد، لكن فرض التعددية في حد ذاتها تقف ضد مبادئ الليبرالية الحقة كونها نوع من فرض إرادة معينة على المجتمع ككل و ده ممكن يؤدي إلى التهكم على حريات الفرد أو شرائح معينة من المجتمع. لكن الموقف السياسي الليبرالي الحق لا يفرضها، لكنه بالتأكيد لا يمنعها.

لكن كوني إنسان ليبرالي ملوش أهداف سياسية في المقالة دي، أنا شايف إنه التعددية شئ جميل أتمنى إنو المجتمع المصري يتقبلها و يخليها جزء من كيانه. و ده بالتأكيد هيعود  على المجتمع بخير و ازدهار و قوة. و اللي لسة هيرفض  التعددية، فده حق محفوظ ليه في المجتمع المتعدد، و هيبقى جزء عزيز من المجتمع حتى لو كان رافض للتعددية.

الأربعاء، ٢٥ مايو ٢٠١١

عن مطالب مظاهرات ٢٧ مايو

كتابة إسلام إبراهيم حسين

تعقيباعلى بعض مطالب مظاهرة ٢٧ مايو، أود أن أشارك برأيي كليبرالي في هذه المطالب. أولا ها هي المطالب:

إذا كان الداعين لتلك المظاهرة يريدون مشاركة أكبر عدد من المصريين بجميع أطيافهم، فيجب أولا أن يعيدوا ترتيب الأوليات. مع إن الأهداف العليا من المطالب الاقتصادية من عدل و مساواه جميلة، لكنها ليست الأساس الذي من غيره لا نستطيع التقدم. فمن غير إصلاحات سياسية، لن يكون هناك عدالة إجتماعية أو إقتصادية.عن طريق الإصلاحات السياسية و ضمانات لحفظ حرية المواطن، يمكن من هناك تحقيق عدالة إجتماعية.  

أضف إلى ذلك أن الإصلاحات السياسية مطلوبة من جميع الأطياف أيا كانت هويتهم السياسية (إسلاميين، ليبراليين، يساريين). أما بعض أو معظم المطالب الاقتصادية هي مثيرة جدا للجدل، لكن المطالب السياسية عليها شبه إجماع، بالرغم من أنها ينقصها نقطة هامة جدا و هي عدم المطالبة بالوقف بقانون الطوارئ. 

لكن المطالب الاقتصادية هي فعلا مثيرة للجدل و قد تأذي نجاح مظاهرات ٢٧ مايو، لأن الليبراليين مثلا لا يؤيدون أغلب  تلك المطالب (لكنهم يؤيدون الأهداف الأسمى لتلك المطالب من عدالة إجتماعية و إقتصادية، لكن الاختلاف فقط في كيفية تحقيق هذه العدالة). فمثلا وضع حد أدنى و أعلى للأجور، أينطبق هذا فقط على المؤسسات الحكومية؟ إذا كانت الإجابة "نعم"، فالبراليين قد يؤيدو تلك المطالب. أما إذا كانت مطالب تطبق على جميع المؤسسات في مصر، و ليس فقط في الهيئات الحكومية، فهناك تعارض شديد بين الليبراليين و اليساريين. أتطرق لبعض نقاط الاعتراض هنا و هنا و هنا. و هذه الاعتراضات هي فقط على قوانين الحد الأدنى و لم نتطرق حتى لأي قانون يوضع على الحد الأقصى للأجور في المؤسسات الخاصة (فهي مرفوضة رفض تام من الليبراليين، و سأكتب عنها في المستقبل القريب إن شاء الله). 

أما بالنسبة لإعادة توزيع الثروات، فهذه أيضا مشكلة كبيرة. فكيف، مثلا، يتم تحديد من يأخذ أي قادر؟ لتحسين الوضع لأكبر عدد ممكن من أفراد المجتمع، لن يكون هناك "تساوي" في التوزيع. و أحسن طريقة لتوزيع الموارد في المجتمع بشكل عادل يكون عن طريق السوق الحر. و لا اتحدث هنا عن "سوق حر" مكون من بعض الأغنياء ذوي سلطات و صلات مع الحكومة. فهذا هو الفرق بين الرأس المالية الحرة و رأس مالية الدولة و المقربين منها سياسيا عن طريق الفساد. فالليبرالي الحق مع رأس مالية السوق الحر المنفصل تماما عن السلطة و لا يؤيد أبدا رأس مالية الدولة. لكنني سأناقش  هذه النقطة في مدونة مستقبلية إن شاء الله. 

و كذلك أيضا "التحكم في الأسعار". فكيف نعرف ماهو السعر المظبوط من دون سوق حر؟ ما هي عواقب التحكم في الأسعار على الوضع الاقتصادي في المجتمع. هذه التحكمات عادتا ما يكون لها عواقب جانبية مدمرة للاقتصاد (قد تسبب تضخم أو انكماش حاد في الإقتصادي يضر بالجميع، و بالذات من ذوي الدخول المحدودة). عواقب التحكم في الأسعار سيكون أيضا نقطة نقاش في مقالة مستقبلية أخرى. 

لكن الطلب المتعلق بمحاكمة كل رجال الأعمال الفاسدين و المستفيدين من النظام السابق، فهذا طلب إقتصادي عادل سيؤيده جميع الليبراليين من ذوي الضمير الحي و لكن ليس من هؤلاء مصطنعي الليبرالية و ما هم إلا من أنصار رأس مالية الدولة و الفساد كما كان موجود زمن نظام مبارك. 

 أما بالنسبة للحريات، المطالبة بتطهير الإعلام، مع إنه طلب نبيل، لكنه طلب ساذج. فطالما أن ذوي السلطة لهم سيطرة على الإعلام، فسوف دائما ما يستغلونه لأغراضهم السياسية. من رأيي أن الطلب في هذه النقطة هو أن يكون حل جميع الأجهزة الإعلامية الحكومية!   

فإن كان منظمي المظاهرة يوم ٢٥ مايو يريدون نجاحها بحضور أكبر عدد من المتظاهرين، فيجب إعادة ترتيب المطالب و حجب بعضها الذي يثير الكثير من الجدل، و ترك هذا الجدل لوقت لاحق بعد أن نضمن تحقيق المطالب السياسية التي عن طريقها نستطيع أن نحقق المطالب الاقتصادية.  

الاثنين، ٢٣ مايو ٢٠١١

رسالة إلى المجلس الأعلى: احترمو الشعب عشان الشعب يحترمكو إنتو كمان

كتابة إسلام إبراهيم حسين 

اليوم هو يوم #NoSCAF.

المجلس الأعلى للقوات المسلحة. من أين أبدأ، لا أعرف. لكن دعني أتكلم بالمصرية الفصحى فقط لأجل خاطر موضوع المجلس الأعلى للقوات المسلحة ده. 

إيه اللي قالقني من المجلس؟ طيب، خلينا نشوف أخر رسالة مثلا (رسالة رقم ٥٦)، بيقولك: 
قيام بعض العناصر الخارجية
يعني شوية ناس مش مصريين. فهمت.
من مدعي البطولة و الوطنية.
إيه؟ مش فاهم؟ أجانب بس بيدعوا الوطنية؟ إزاي تيجي ديه؟ أه، يبقو مصريين بيدعوا البطولة بس هما في الحقيقة خارجين و مصريين وحشين. يعني مصريين نص نص. يعني عندنا مجلس عسكري بيتهم مصريين بأنهم خونة! 

معليش يا مجلس! أي مواطن مصري، أيا كانت أرائه، مفتعلة أو لأ، لا يمكن اتهامه بأنه مدفوع من الخارج. ديه تهمة رهيبة جدا و مش ممكن أبدا تستخدم ضد حد إلا إذا كان ضد حد معيا، و بتهم معينة، و تطرح بوضوح عن طريق محاكمة علنية. لكن ببساطة كدة، تستخدمو الاتهام ده ضد مواطنين مصريين غير محددين، فده معناه إنو تهديد ضد أي مواطن إنو مايتكلمش، و لو إتكلم بصوره مش هترضي المجلس، يبقى يقول على نفسه يا حفيظ لأن بمنتهى البساطة ممكن يلاقي نفسه في قفص إتهام بتهمة خيانة البلد. 

المجلس و أي حكومة مصرية في المستقبل لازم تحترم كل مواطن و كل ما يقول. المواطن فوق المجلس و فوق الحكومة و فوق مصر نفسها! تبقى إيه مصر لو ماكانش البني آدم اللي هو جزء منها مالوش إحساس بالطمأنينة و الحرية في بلده؟ 

بقيت الرسالة مبنية على الاتهام المبهم ده و مش هناقش بقيتها دلوقتي. 

خلينا نشوف رسالة رقم ٥٥. الرسالة ديه ملخصها إنو أنتم يا شعب يا ولاد يا وحشين مش مؤدبين. و عشان كدة عاقبتكم، بس عشان أنا بس طيب و سيد سيدكم، هخفض العقوبات. يلا احمد ربك، و هشو بقى من هنا. 

سؤالي و ردي على الرسالة: و ليه تقبضو عليهم من الأول؟ إيه كانت تهمهم بالظبط؟ و ليه لو فيه تهم و فيه كسر للقانون واضح، ليه متكنش المحكمة علنية؟ لأن لو أنتم عندكو حق، هنأيدكم، و لو لأ، هانؤلكم يوم الجمعة. كل يوم جمعه! :) نظامنا واضح جدا. ليه ماتكونوش إنتو كمان واضحين مع الشعب؟ و بعدين الشعب كبير خلاص و مابياخدش منة ولا مصروف من حد.   

طيب، نشوف رقم ٥٣. يا مجلس إحنا شاكرين للتوضيح، بس ممكن تتم محاكمة المسئول عن قتل المواطن رامي فخري علانية؟ أصلو إحنا مش زي الناس اللي بالي بالك إلي بتحكم الناس في السر و بعدين تمن عليهم بتخفيض العقوبة. إحنا عايزينها علنية و عادلة. و أقل من كدة و تبقو افقدتم شرعيتكم في نقطة ديه بنفسكم. 

شاكرين على الرسالة رقم ٥٢، بس لأ لامؤاخذة مفيش تسامح مع أي حد من الشرطة اللي ساهم في قتل و تعذيب و إهانة المصريين. لازم اللي غلط يتعاقب (في محاكمة علنية) عشان المأساه المعروفة بإسم النظام الفاسد السابق ما تتكررش  تاني بإسم النظام الفاسد المستقبلي! 

أما بنسبة موضوع الاقتصاد، لحد دلوقتي ماحدش فهمني إزاي شوية مظاهرات بتوقف عجلة الإنتاج؟ والله ماحدش شرح إزاي ده. في رأي إنو الموضوع موضوع تخويف و ترهيب ... و لا علاقة له أبدا بالإنتاج. اللي عايز يشتغل، يشتغل. التظاهر مش بيوقفوهم، و اللي عايز يتظاهر يتظاهر بحرية و سلام. 

و ده كان برضو موضوع الرسالة رقم ٥١ (أكمل على بقيت الرسائل، ولا كفاية كدة؟ أنا من رأي كفاية كدة...).

الموضوع شكله كدة إنو ماهو إلا تخويف و إلهاء الناس عن القضايا السياسية، و سير البلد في الوقت اللي هو مش وقت حرج و حساس، بل هو فرصة ممتاز لبنية البلد من جديد بعدل سياسي، و نظام يحترم من الجميع (و ده يشمل إن المجلس كمان يحترمه!) و يحترم الجميع، و حريتهم في التعبير و التجمع و التظاهر. فده مش وقت الخوف،. و لكنه وقت البناء. و مش بناء الاقتصاد و بس، هو برضو وقت بنا مجتمع مدني حر يحترم حق التعبير بحرية من غير تهديد إنو اللي هيعبر بحرية هايتعامل معامله الخونة. 

احترمو الشعب عشان الشعب يحترمكو إنتو كمان. حطو إيديك مع الشعب عشان الشعب يحط إيده معاكو. إنتو بتشتغلو عندنا مش إحنا عندكو!
والله الموفق

السبت، ٢١ مايو ٢٠١١

الإعلان المصري للعدل و الحرية و الإنسانية

كتابة إسلام إبراهيم حسين

أود أن أسعد فين نشر هذا الإعلان الجميل و أعلن أننا هنا في موقع ليبرالية نؤيده تأييد تم. للتوقيع على الإعلان بنفسك، إضغط هنا.


إلى الإسلامي: الليبرالية حامية لقيمك الأخلاقية و ليست ضدها

كتابة إسلام إبراهيم حسين 

هنا، أستخدم كلمات "ليبرالية" بمعناها الاجتماعي الذي يتسع لجميع أطياف الليبراليين عامة.

فالليبرالية أيها الإسلامي، نعم، هي حامية لقيمك الإسلامية!  

(و إن لم تكن، أيها القارئ، إسلاميا أو حتى مسلما، فأتمنى قراءة هذه المقالة إلى نهايتها، فلي عندك سؤال مهم في أخرها). 

قد تسأل، كيف و هي تدعو أن كل إنسان يأخذ الأمور بما يهوى؟ 

سأرد أن هذا "الهوى" يشمل أيضا هوى و حب الإسلام و مبادئه. فالليبرالية لا تدعو إلى هدم أخلاقك و مبادئك الإسلامية، بل تحترم إرادتك في اتخاذها مبادئ لك. 

و قد تسألني، لكنك بهذا المبدأ تحمي حق من لا يأخذ بتعاليم الإسلام و لا تشجعه عليها، فكيف تدعي أن الليبرالية تحمي القيم الإسلامية الأخلاقية؟ 

الدولة الليبرالية لا تشجع و لا تقف ضد أي فكر أو عقيدة، و لكنها تحمي حق الإنسان في التفكر و الاعتقاد بحرية. هي أيضا تترك لك حرية إقناع الآخرين في الدعوة للإسلام طالما أنك لا تستخدم أي أسلوب فيه عنف أو تهديد لحقوق الأخرين. فبهذا تضع الدولة الليبرالية على عاتقك أنت ، و ليس على عاتق الدولة، أن تقوم بالدعوة للإسلام بحرية. فأنت أحسن من يتحدث و يدافع عن معتقداتك مهما كانت واضحة و أساسية في الإسلام. أما إستخدام الدولة كأداة للعمل الدعوي عادة ما يستخدم لأغراض سياسية بعيدة عن الهدف الأسمى ألا وهو نشر تعاليم الدين. فهي تترك لك أنت هذه المهمة. و هذه أول طريقة تحمي بها الليبرالية مبادئك الإسلامية، فهي تمنع استغلالها لأغراض سياسية بحتة، و في ذات الوقت تتركك تعمل بحرية على الدعوة لمعتقداتك.  

لكنك ستسأل، هل هذا معناه إن الدولة الليبرالية لن تقوم بتطبيق الحدود الإسلامية؟ 

هذا سؤال متعلق بالتشريع. مجموع القوانين في أي دولة هي انعكاس لقيم المجتمع في البلد. فمؤسسات و أفراد المجتمع المدني الإسلامية يقوموا بالدعوة و نشر أفكارهم المتعلقة بتطبيق و قراءة معينة للشريعة، و على أفراد مجلس التشريع السياسين  بجميع أطيافهم، إسلاميين كانو أم لا، من إتخاذ قرارت سياسية تعكس إرادة من يمثلون في دوائرهم الانتخابية في ظل نظام ديمقراطي حر (عن طريق نظام الأغلبية البسيطة أو التمثيل النسبي).  

إذا لم يسن قوانين تتبع قراءة معينة للشريعة الإسلامية أنت تساندها، فهذا معناه أنه أنت و المنظمات الإسلامية الدعوية التي تساند تلك القراءات لم تقم بعمل جيد لإقناع فئات الشعب لمساندة هذه القراءات الإسلامية لجعلها جزء من قانون الدولة.  

موقف الدولة الليبرالية واضح و هو أنه لا يمكن إستخدام العنف أو التهديد به لإرغام أي مواطن (و أنت واحد منهم و لك نفس الحقوق و الضمانات) على كيفية ممارسة حياتهم الشخصية. و هي بذلك على توافق كامل بالآية القرآنية الواضحة أنه "لا إكراه في الدين". الدولة الليبرالية تضع على عاتقك دور إقناع الفرد بالطرق السلمية المبنية على التحاور لا الإرغام. 

فمن أهم معتقدات الليبرالي (مسلما كان أم لا) هو أنه أي فكرة أو تصرف عقائدي شخصي لا يستطيع صاحبها نشرها عن طريق الحوار السلمي، معتقدا أن إستخدام الترهيب و التهديد بالأذى البدني أو المادي هو الطريق الوحيد لنشرها، فإذا تلك الفكرة ضعيفة و فاشلة في مواجهة الأفكار الأخرى. الفكر لا يواجه إلا بالفكر و الحوار، لا بالإكراه و لا بالتهديد و لا بالتخويف. 

فالدور علي الآن أن أسألك، هل مبادئ و أفكار و حلول الإسلام للمجتمع، هل هي ضعيفة لا تستطيع مواجهة الأفكار الأخرى المنافسة لها إلا بأساليب الترهيب و التخويف؟ 

أنا مسلم و أؤمن أن الإسلام قوي و يستطيع أن يدافع عن نفسه عن طريق أفعال و أقوال و أفكار أبنائه و بناته المسلمين و المسلمات من إقناع الآخرين بمبادئه، و إن لم يستطيع أبنائه و بناته إنجاز ذلك عن طريق الحوار و الإقناع، فهذا ليس بسبب ضعف الإسلام، لكنه دليل على ضعف قدرات أبنائه و بناته على الإقناع. فبدلا من ان نصب عقوبات على من لا يتخذ من الإسلام منهجا (مشوهين بذلك أفكار و معتقدات الإسلام الجميلة في عالم جديد قائم على التنافس الفكري لا الحربي و لا العنفي... فهذا حيث ما ثقفنا عالمنا اليوم)، يجب على المسلم المهتم بنشر الإسلام أن يسأل نفسه كيف قصر و كيف يحسن من أدائه لإقناع الأخرين. 

و دعني أيضا أسألك؛ هل هناك فائدة من إرغام أي شخص على فعل شيء حسن؟ فكيف يستفيد شخص من الصلاة في هذه الدنيا أو الآخرة لو لم يؤمن بها أصلا؟ 

و للحديث بقية، و لكن... 

لو أعجبك الكلام المكتوب أعلاه، أتمنى أن تعجبك الجملة القادمة هي الأخرى: إن لم تكن، أيها القارئ لهذه المقالة مسلما، فقم باستبدال "إسلام/مسلم/إسلامي" بأيا كانت عقيدتك و سوف تجد لك مكانا في مجتمع ليبرالي حر الكل يحترم فيه الآخر و عقائده و يكون الاعتقاد مبني على إرادة حقيقية و ليست على إرادة شخص أخر حيث تكون عقيدة هشة في مجتمع هش لا يؤمن بشيء غير لغة الفرض.


الثلاثاء، ١٧ مايو ٢٠١١

الحريات المدنية و نهضة الاقتصاد لا يتجزأن

كتابة إسلام إبراهيم حسين

البعض في مصر الآن ينظر لما يحدث من مظاهرات و اعتصامات ضد إسرائيل بأنها تشتيت للثورة و إنها تبعدنا عن المهمة الأولى في الوقت الحالي، ألا و هي إعادة بناء مصر إقتصاديا.

لكن مصر ليست فقط إقتصاد. هي أيضا مجتمع مدني و جزء من الذي يجب بنائه هو كيفية ممارسة الحريات في هذا المجتمع. لا يجب أن ننتظر على بناء هذا الجانب من المجتمع في وقت لاحق بعد استقرار الاقتصاد كما يدعو البعض. أولا، فئات كثيرة من الشعب متعطشة لاستغلال هذه الحريات و ليس هناك من سيوقفهم . و إن حاولت الدولة، ذلك غالبا ما سيؤدي إلى إستخدام العنف و الاعتقال للمتظاهرين الذي سيؤدي فقط إلى مزيد من كبت الحريات و الضغينة بين المواطنين و الحكومة الحالية و الجيش. فمن منظور عملي لا غير، محاولات وقف التظاهرات لن يحد من إرادة الشباب للاعتصام و التعبير عن رأيهم في الشارع, و ستزيد من الطين بله. 

أما من منظور بناء مجتمع مدني متحضر حر، يجب تشجيع ممارسة تلك الحريات و الوقت الحالي هو أفضل وقت لبدء ممارسة ذلك الحق. هذا التطبيق لن يكون سهلا و لن يكون تطبيق صحيح من أول وهلة، و لكنه سيكون تدريب لكل مواطن مصري يبغي ممارسة هذا الحق المشروع و هو أيضا فرصة لتدريب الحكومة للتعامل بعظة و حنكة سياسية (فالعنف الحكومي في وجه الشعوب هي عادة قديمة تنفع فقط في القرن الماضي، لكن في قرننا هذا بألانترنت و تويتر و Facebook  لا ينفع فيه هذه الأساليب).

ففئات الشعب التي تريد ممارسة هذا الحق يجب أن تتعلم كيف ممارسة هذا الحق من غير كسر القانون. فإن كان القانون لا يعطي الكثير من الحقوق في هذا المجال، فيجب تغيير القانون سلميا عن طريق الطرق المشروعة. من الطبيعي هناك أوقات، مثل  الوقت الحالي، حين لا يكون هناك أي بديل عن تغيير القانون إلى عن طريق العصيان المدني و كسر القانون. و هذا جائز بالأخص أثناء أوقات إستثنائية مثل الوقت الحالي في غمرة ثورة مصرية تسعي إلى النجاح. لكن على من يريدون أن يمارسوا هذا الحق أن يتذكروا أن لتصرفاتهم عواقب قد تؤثر بالسلب على تحقيق أهداف التظاهرات نفسها. فمثلا، أثناء التظاهر، أقل نوع من التعدي على القانون سيقابل بعنف شديد من قبل السلطات، أو ستأخذ من قبل بعض وسائل الإعلام ضد الثائرين السلميين لوصفهم بالبلطجة و الهمجية. و هذا بالتأكيد سيستخدم ضد القضية التي يتظاهر من أجلها المتظاهرين (مثل القضية الفلسطينية). و لنتذكر أن جزء كبير جدا من نجاح ثورة ٢٥ يناير هو أنها كانت سلمية جدا مع الوضع في الاعتبار الحجم المهول للثورة بأعدادها الغفيرة من الناس. أنا لا أدعو إلى عدم التظاهر، و لكن أدعو إلى التظاهر الذكي الذي يشمل بالأساس تغيير القوانين سلميا أولا، و إن تعذر ذلك، فعن طريق عصيان مدني موزون لكي نفوز في الحرب الإعلامية و النفسية. 

أما بالنسبة للحكومة (المؤقتة الحالية أو مستقبلية) فيجب أن تتعلم كيف تتعامل مع المتظاهرين بحكمة و إتزان. يجب على أي حكومة مصرية تنفيذ القانون، لكن أيضا يجب معاملة المواطن، أي مواطن، مصري باحترام و تقدير. هذا يتطلب إعادة تدريب أفراد قوات الأمن و الكف عن الأسلوب الأبوي السلطوي الذي كان يتبعه حكام الأنظمة السابقة تجاه المواطن ("إن لم يسمع المواطن الكلام و يتبع الأوامر، سيعامل معاملة لا يرجوها"). معاملة المواطن بإحترام  ليس فقط من أجل المواطن، لكنه أيضا من أجل أن نجاح تلك الحكومة سياسيا. فإن لم تفعل، فسوف يؤدي ذلك إلى إضعافها داخليا و خارجيا، و ستجد فقط القليل جدا من الناس و الحكومات الأخرى التي قد تريد مساعدتها (هذا درس لم يتعلمه أمثال القذافي و الأسد و بن صالح).

لكن يجب على أفراد المجتمع أولا و أخيرا أن يعلموا أنهم هم الذين سوف يأتون بحريتهم بأنفسهم. فلا يجب أن ينتظروا من أي أحد وعود بالحريات. فالحرية لا تؤجل ولا تجزأ. لكن مع الجهاد للحصول على تلك الحريات و انصار القضايا التي من أجلها يتظاهرون، يجب أن نتذكر أن أفعالنا تشاهد و يحكم عليها كما تريد أهواء آلبعض  في وسائل الإعلام و من أعداء القضية التي من أجلها نناضل. فيجب التنبه إلى ذلك و الالتزام بأقصى حد ممكن بمبدأ "سلمية سلمية". أنظر مثلا إلى هذا المقال الممتاز عن الحركات الحالية التي تسعى لإعادة حقوق الفلسطينيين

أخيرا، أود أن أقول باختصار للذين يدعون إلى تأجيل التظاهر حتى ينصلح حال الاقتصاد، أنه لن ينصلح أبدا حال الاقتصاد المصري من غير أن ينصلح حال المجتمع المدني المصري، و الذي يشمل الحريات السياسية و الاجتماعية. و لهذا أسباب كثيرة سأتناولها في مقالات لاحقة في المستقبل. 

متعلق: المحظورات الثلاثة للأستاذ عمرو حمزاوي



الاستخفاف بالعقول يستمر: التعديل المقترح لقانون قطع الاتصالات

كتابة إسلام إبراهيم حسين

اعلان وزير الاتصالات المصري الدكتور ماجد عثمان عن إقتراح تعديل في قانون تنظيم الاتصالات في مصر (المادة ٦٧) مثير جدا للقلق. فتحت هذا التعديل - الذي لا يزل تحت مجال البحث - يكون: 
للسلطات المختصة في الدولة - علي حسب الاحوال - أن تخضع لادارتها جميع خدمات وشبكات اتصالات اي مشغل او مقدم خدمة ان تستدعي العاملين لدي القائمين علي تشغيل وصيانه تلك الخدمات والشبكات وذلك فى حالة حدوث كارثة طبيعية او بيئية او في الحالات التي تعلن فيها التعبئة العامة طبقا لاحكام القانون 87 لسنة 1960 المشار إليه وأي حالات أخري تتعلق بالامن القومي ،وفي جميع الاحوال يحظر قطع كل او بعض انواع خدمات الاتصالات او وقف تشغيلها كليا او جزئيا الا بناء علي قرار يصدر بذلك من رئيس الجمهورية وبعد موافقه مجلس الوزراء .
لقد قرأت نص المادة ٦٧ (بالإنجليزية) الحالي  و بالنظر إلى النص المقترح، لا أجد أي تغيير غير إن رئيس الجمهورية هو الذي من حقه أن يقطع وسائل الاتصال بعد أن يأخذ موافقة مجلس الوزراء. و هنا لا أجد أي تغيير جذري مختلف عن القانون السابق. فلازالت الحكومة لها القدرة على قطع الاتصالات تحت ذريعة "الأمن القومي". فكل ما على الرئيس أن يفعله هو أن يعلن حالة طوارئ و بها يقطع الاتصالات. هل هذا سيستخدم يوما ما حين يكون هناك نظام أخر مستبد في مصر و تثور الناس كما ثارت يوم ٢٥ يناير؟ هل سيستخدم ضد أي مظاهرات عمالية؟ 

و هذا السبب ليس منطقي، بل أرى أنه فقط ذريعة لإعطاء الحكومة الحق في  قطع الاتصالات حين تكون هي (و ليس الشعب) تحت التهديد. فمثلا، إن كانت هناك مشكلة أمن قومي أو كارثة طبيعية، فمن البديهي أن نعطي أفراد الشعب القدرة على الاتصال و ليس العكس! 

و أخيرا، اشتراط أخذ موافقة مجلس الوزراء ما هو إلا إجراء شكلي لإعطاء القانون المعدل صفة أنا هناك رقابة. فأسأل، رقابة من؟ رقابة مجلس الوزراء الذي هو أصلا معين من قبل الرئيس؟ لو كان مجلس الوزراء معين من قبل رئيس وزراء مختار من الحزب الذي يفوز بإنتخابات مجلس الشعب، فهذا في بعض الأحيان يعطي نوع من الرقابة، لكن ماذا لو حدث، و هو أمر غير مستبعد، أن الرئيس و رئيس الوزراء الفائز بالأغلبية ينتمون لنفس الحزب؟ 

هذا كله يدل على أن ما قاله الوزير في حديثه عن أن قطع الانترنت كما حدث في ثورة ٢٥ يناير لن يحدث تحت القانون المعدل ليس دقيقا. فكما أوضحت، هناك ثغرات في القانون الجديد يمكن بها إعادة قطع الانترنت في ظروف مماثلة لاحداث ٢٥ يناير. 

و زيادة على ذلك إدعى الدكتور عمرو بدوي أن دولا أخرى عندها قوانين مماثلة للقانون الجديد، و ذكر على سبيل المثال أمريكا. و هذا لا أساس له من الصحة. فقط في الآونة الأخيرة دعى السيناتور الأمريكا جو ليبرمان لقانون تستطيع به الحكومة الأمريكية تحت الكثير من الرقابة من الكونجرس من قطع الانترنت. و بالرغم من ذلك، لم يقابل ذلك الإقتراح بأي نوع من الترحيب من جهات شعبية و سياسية أمريكية. 

و أخيرا، بصفة أن بعض شركة الاتصال هي ملكية شخصية، لا يمكن أبدا للحكومة من فرض رأيها و قرارت مثل قطع الاتصال على هذه الشركات التي هي جزء من المجتمع المدني. فإن لم نفعل، ستكون تلك الشركات هي أداة لإستعباد المجتمع المدني للدولة و يجعل من تلك الشركات أداة للفاسدين من أصحاب رؤوس المال للتحكم في الحكومة كذلك. 

أتمنى أن لا ننساق وراء ممن هم في مراكز سيادية بشعاراتهم القديمة، المبنية على مبادئ التخويف و الأبوة لنزع المزيد من حقوقنا كمواطنين في مصرنا الحرة العزيزة.

فكيف إذن يتم تغيير القانون السابق؟ الحل بسيط جدا: يجب إلغائه كاملا و عدم التفكر في تغيره أو إعادة ولادته أبدا!

إضافة: 

سؤال للتفكر فيه: لو ظن البعض أن قطع الصالات سوف يوقف عدوان عدو خارجي أو "عدو" داخلي، لما كان فيه عدو صهيوني، إيراني، سلفي، أمريكي ثائر في شوارع مصر في أحداث ٢٥ يناير، هل نجح قطع الاتصالات في مصر من وقف هؤلاء "الأعداء" من النصر؟

إضافة ٢: 

شكرا لمحمد خروب في التعليقات (أدنى) لجذب إنتباهي لتصريحات الأستاذ نجيب ساويرس التي فيها يدعو لأن يكون الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات منفصل و مستقل عن الحكومة. أنا أؤيد هذه الفكرة من الناحية النظرية. لكنني أشكك في قدرتها على أن تكون مستقلة فعلا. ثانيا، هل سيكون لذلك الجهاز ضمانات من الحكومة بها يخلق هيئة لمنع دخول مستثمرين جدد في مجال الاتصالات في مصر و يخلق نوع من الاحتكار لأقلية من المستثمرين. فإن فعلا إنفصل الجهاز عن الحكومة، فيجب وضع ضمانات تسمح لأي مستثمر من الدخول في قطاع الاتصالات و التنافس الحر في هذا القطاع.

يجب هنا أن نتذكر أن نجيب ساويرس هو مالك شركة موبينيل التي هي الأخرى قطعت الاتصالات في مصر تحت ضغط الحكومة أثناء ثورة ٢٥ يناير و التي نجم عنها مقتل أكثر من ٨٠٠ شخص.  

الثلاثاء، ١٠ مايو ٢٠١١

الكاتب ماريو فيرجاس لوسا عن الحرية في الشرق الأوسط

كتابة إسلام إبراهيم حسين
في هذا الفيديو، يشارك الكاتب البيروفي ماريو فيرجاس لوسا  الحاصل على جائزة نوبل للاداب  في عام ٢٠١١ برأيه عن الحركات الشعبية السعي إلى التحرير في الشرق الأوسط. هنا ملخص ما قاله لوسا:
الحرية لا يمكن تتجزأ. فلا يمكن أن يكون هناك حرية حقيقية إن لم يكن هناك حرية سياسية، حرية إقتصادية، حرية إجتماعية و ثقافية. 
هذه الأيام، نحن نشهد أحداث مثيرة جدا للاهتمام. فما يحدث نوع من الانفجار الشعبي. و ليست حتى الآن تحت إحكام المتشددين و لكنها حركة شعبية تشمل جميع أطياف المجتمع تسعى إلى الحرية. هذه الفكرة، هذا الإحساس، هذا التطلع للحرية هو فعلا المحرك للثورات في تونس و مصر و اليمن و حتى في دول أخرى من العالم العربي. و هذا مشجع جدا. 
بالرغم إن الناس كانت واقعة تحت أنظمة حكم وحشية و فاسدة و كانت منعزلة عن باقي العالم، لكن تلك الشعوب عندها إحساس بأنه هناك حد، حد لا يمكن تعديه، و قامو بالانتفاض بصوره فطرية جدا و بغاية من الشجاعة ضد هذه الأنظمة التي حكمتهم لسنين طويلة.   

السبت، ٧ مايو ٢٠١١

تاريخ الفكر الليبرالي: ما بين الصعود والهبوط

كتابة هدى عثمان

من أهم الأهداف المرجوة من إنشاء هذه المدونة هو التعريف بتاريخ الليبرالية الكلاسيكية Classical Liberalism من حيث النشأة والتفاعل مع التيارات الفكرية الاخرى وما نتج عن هذا الصراع الفكري من تحديد لمصير العالم الإقتصادي والسياسي والاجتماعي والثقافي. هنا نعرض ملخصاً سريعاً لأهم النقاط التاريخية المحددة لتطور هذه المدرسة الفكرية في العصر الحديث.

في إحدى الندوات التي اقامها معهد الدراسات الانسانية التابع لجامعة جورج ماسون بولاية فرجينيا الامريكية يلخص دكتور ستيفن دافيس قصة الصعود والهبوط الفكري لليبرالية ما بين منتصف القرنين التاسع عشر والعشرين، حيث بدأت الليبرالية كتيار مولد للافكار ومحدد للاجندات السياسية البارزة في الستيينيات من القرن التاسع عشر قبل أن يتسارع التطور في التسعينيات من نفس القرن ثم تجد اللبرالية نفسها في موقع الدفاع عن افكارها ضد المذاهب الاخرى ثم تصل إلى أدنى نقطة لها في الثلاثنيات والاربعينيات من القرن العشرين حين غلبت التيارات الجمعية على باقي المدارس الفكرية.

كانت سنة 1863 علامة فارقة في التاريخ الانساني الحديث حين انتهت العبودية بتوقيع إعلان تحرير العبيد في أمريكا والتي واكبها أيضاً تحرير الريف الروسي من وطأة الإستعباد في الحقول والمزارع، كما تم أيضاً توقيع إتفاقية إنشاء أكبر منطقة تجارة حرة بين بريطانيا العظمى وفرنسا.

ما بين العامين 1870 و-1914 شهد العالم تطوراً غير مسبوق في النمو الاقتصادي وإرتفاعاً ملحوظاً في المستوى المعيشي و معدلات الهجرة إلى بريطانيا وأمريكا وبدء التحرك الكبير لرؤوس الاموال خارج دول المنشأ، مع ما صاحب كل ذلك من تقدم تكنولوجي في الصناعة ووسائل المواصلات يمكن القول بأن تلك الفترة هي البداية الحقيقية للعولمة والتكامل الإقتصادي بين الدول.

هنا يشير دكتور دافيس أنه رغم بروز تيار الليبرالية كمحرك أساسي للاحداث، إلا أن تيارات أخرى مضادة كانت تنشأ في الظل هي بالأساس مفاهيم جمعية Collectivism تشمل الامبريالية والقوميات العرقية Nationalism وسياسات الحماية الإقتصادية Protectionism ، حيث يعادي أي مذهب جمعي مفاهيم الفردية ويرتكز على المجتمع أو الامة كهدف أساسي للنماء والرفاهية، وبذلك على الافراد التضحية بمصالحهم الشخصية ورغباتهم ومعتقداتهم من أجل خدمة هدف موحد جمعي تحدده القلة الحاكمة . أيضاً من بين الأفكار الجمعية التي ظهرت وقتها هي اليوجنكسEugenics أو علم تحسين النسل ليستخدم في تحديد من من حقه التناسل ومن يعتبر غير صالح لذلك كالملونين والغجر والمعاقين مثلاً كل ذلك بهدف الرقي بسلالة معينة بالبشر (لاقت هذه الفكرة رواجاً هائلاً في ألمانيا النازية مطلع القرن العشرين قبل أن تسقط كلياً اواخر القرن).

أما على صعيد الثقافة والفنون فقد إنعكس الصراع الفكري أيضاً على أعمال كتاب وموسيقيي وفلاسفة هذه الفترة، فهناك من كان لبرالياً كجوتة وفيردي، قبل أن تجتاح موجات معادية للبورجوازية والمجتمع الليبرالي على يد كتاب أمثال فلوبير وموسيقيين أمثال سترافنسكي، وقد كان للمثقفين والمبدعين تأثير كبير في إزدهار فكر معين عن الأخر كونهم "المشرعين غيرالمعترف بهم للتاريخ الإنساني".

إذاً فقد ظهرت على السطح مؤشرات النمو الإقتصادي ونشأ المجتمع الحديث وازدهرت التجارة الحرة بين البلاد وراجت الافكار التي تدعم الحريات الفردية وحريات التعاقدات إلخ، بيد أن كانت هناك تيارات مضادة في السياسة والفنون. ما حدث بعدها أدى إلى إعادة خلط أوراق اللعب السياسية من حيث تعريف اليمين واليسار و غيرها من الانحيازات السياسية.

ففي الفترة من 1780-1880 كان اليسار يعرف هدفه التقدمي بالسعي وراء الحداثة وتقليص دور الدولة والفصل بين سلطة الكنيسة والسلطات التشريعية والتنفيذية، كما يؤيد المذهب الفردي وحرية التجارة، وبالتالي كان يمكن وقتها ربط اليسار بالفكر الليبرالي.

أما في 1880 فقد بدأ الجدل بين المذهبين الفردي و الشمولي حيث يؤيد الاخير مبدأ تعظيم دور الدولة كوكيل للاشراف على الافراد ومحققاً لمصالحهم، واحتفظ التيار الجمعي بميزة التقدمية واصماً بذلك الليبراليين بأنهم محافظين Conservatives

باختصار، بعد أن كان الطيف السياسي يمتد بين اللبراليين والمحافظين، أضحى بين الاشتراكيين (المعتدل منهم والمتطرف) من جهة وبين اللبراليين والمحافظين من جهة أخرى، ومن الجدير بالذكر أن مجموعات من هؤلاء المحافظين والتي انتقلت إلى معسكر الاشتراكيين هي التي ساهمت في ولادة الفاشية فيما بعد.

وهنا وبعد أن كانوا يعتبرون أنفسهم يساريين فجأة وجد اللبراليون أنفسهم محسوبين على اليمين المحافظ وقد اصبحو في موقع الدفاع عن أفكارهم بعد اتهامهم بالرجعية. ومن أهم أسباب تراجع الفكر اللبرالي أمام التيارات الجمعية أن اللبراليين لم يراجعوا أفكارهم ويجددوها بما يتلاءم ومتطلبات العصر، بالضبط كما حدث مع اليسار الإشتراكي إبان سقوط الاتحاد السوفيتي. فمثلاً خسر اللبراليون تأييد الطبقات التي كانو يستمدون منها دعمهم وقياداتهم كطبقة الحرفيين وصغار المنتجين.

فخرجت في هذه الفترة تيارات جمعية خطيرة منها التيار القومي وسيطرة الطبقة العسكرية Militarism التي روجت لفكرة أن الحرب هي أداة للتقدم، فكرة جذبت الآلاف من الناس للتطوع في خدمة الجيش. وقد دعم كل ذلك تحرك النخب الحاكمة بإتجاه الامبريالية وفرض قيود الحماية الاقتصادية مما أدى إلى تراجع معدلات النمو الإقتصادي العالمي.

وتتابعت الاحداث حتى وقعت كارثة الحروب العالمية ما بين عامي 1914- 1945 ولادة الدولة الشمولية Totalitarian State كنتيجة مباشرة للحرب العالمية الاولى، أصيب الاقتصاد العالمي وقتها بالضرر الهائل خاصة الدول الصاعدة وقتها كالهند والصين.

وفي ذروة الأزمة في الثلاثنيات والاربعينيات من القرن الماضي كانت المقترحات الإصلاحية تتسم بالشمولية التامة (والتي قد تعتبر شاذة حتى في رأي اليسار السياسي الحديث) كإعطاء الحق الكامل للدولة في تخصيص الوظائف وتوزيعها على الأفراد حسبما ترى الحاجة.

إذاً فقد مرت الليبرالية بمراحل الرواج منتصف القرن التاسع عشر بينما كانت التيارات الجمعية تبدأ في الظهور والسيطرة مؤدية لنتائج مدمرة انتهت بوقوع الحربين العالمية الاولى والثانية وتباطؤ النمو الإقتصادي الذي وصل إلى أسوأ معدلاته في الثلاثينات والاربعينيات من القرن العشرين، ولم يتعافى الاقتصاد العالمي كلية من آثار هذه الفترة قبل بداية التسعينيات.
محاضرة الدكتور دافيس يمكن مشاهدتها بالكامل في هذا الفيديو (بالإنجليزية)



الجمعة، ٦ مايو ٢٠١١

الأزمة التاريخية لليبرالية في مصر

كتابة هدى عثمان

حين سؤل صديقي صاموئيل تادروس (احد الباحثين في تاريخ الليبرالية والحاصل مؤخرا على درجة الماجستير من مركز دراسات الديمقراطية والحوكمة من جامعة جورج تاون) عن ما إذا كان للليبراليين اي فرصة في الفوز في الانتخابات البرلمانية القادمة ، اجاب بالنفي معولا ليس فقط علي مدى تواجد اوقوة الاحزاب الليبرالية او غيرها من القوى المضادة بل ايضا على هيكل النظام الانتخابي في مصر وكيفية تقسيم الدوائر الانتخابية.
ولكن ما دفعني لذكر مقالة تادروس هو الجزء الذي يسرد فيه مختصراً لازمة الليبرالية في تاريخ مصر الحديث.

في هذا الصدد يقول تادروس:

أزمة الليبرالية المصرية هي قصة طويلة ومحزنة. قصة بدأت مع ظهور طبقة المثقفين (الافندية الجدد) التي لم تنشأ من طبقة وسطى مستقلة كما حدث في الطبقة البرجوازية في اوروبا ، بل انبثقت من بيروقراطية الدولة. وكان الهدف الاساسي لهذه الطبقة هو تنفيذ برنامج حداثي متناقض الهوية ترعاه الدولة وتفرضه على بقية الشعب. هي قصة علاقة معقدة هي خليط من اعجاب وكراهية تجاه الغرب بوصفه ممثلا للحداثة Modernity. وهي أيضا قصة الفشل في فهم الحداثة وعدم التمييز بينها وبين التنوير Enlightenment مما أدى الى عدم قدرة هذه الطبقة على التعامل مع الدين. وبالتالي فإن الأزمة الراهنة التي تواجه الليبرالية في مصر ليست جديدة ، بل هي مظهر
آخر من مظاهر الأزمة التي تناولها نداف سافران قبل خمسين عاما في كتابه "مصر: البحث عن مجتمع سياسي".

ظل المشروع الليبرالي المصري مشروعاً تتبناه الدولة وترعاه تحت غطاء الحداثة، وظل الليبراليون المصريون دائما ما يخاطبون الممثل الوحيد لليبرالية والذي يرعى مشروعهم : ألا وهي الدولة ، أو بتعبير أدق ، الحاكم ذاته. فإذا كان الحاكم هو الذي يحمل مفاتيح تحقيق حلم الليبرالية فلمَ يتكبد المفكرون الليبراليون عناء مخاطبة عامة الناس وكسب تأييدهم؟
وهكذا فقد كانت النتيجة الطبيعية هو اسقاط الشعب من المشروع الليبرالي وانفصال تلك النخبة عن رجل الشارع، بل وأصبح مفهوم القومية Nationalism هو خيار النخبة المثقفة في الخطاب السياسي الموجه لبقية الشعب.

لم تتمكن نخبة المثقفين في مصر من التغلب على علاقة الحب-والكراهية مع الغرب. فقد اعتبر المثقفون التقدم العلمي والتكنولوجي مجرد مجموعة من النتائج دون الاعتراف بالروح الفلسفية المؤسسة لها. وظهر مفهوم القومية كحل لهذه المعضلة. على سبيل المثال كتب جمال الدين الأفغاني أن الغرب هو كيان موحد وأن الشرق عليه أيضا تحقيق الوحدة إن أراد النجاح في المنافسة. إذن فالمذهب القومي في الشرق الأوسط ، كما ذكر المؤرخ البريطاني إيلي كيدوري ، هي فكرة مستوردة من الغرب ، ولكنها كانت أيضا وسيلة لمواجهته. وبذلك وتبعا روح العصر في 1930s ، كان لا بد أن يفقد التيار القومي أي سمة من سمات الليبرالية التي بدأ بها، بل وتبنى لهجة مناهضة لليبراليةكما هو التقليد في الايديولوجيات الشمولية المختلفة كالفاشية في البداية ، ثم القومية العربية ، وأخيرا ، الأسلمة.

لقد تم نمذجة المشروع الليبرالي المصري على غرار الطريقة الفرنسية حيث تم إرسال الكثير من الطلبة في بعثات دراسية عادوا منها مشبعين بأفكار فرنسية خاصة وقد كانت فرنسا حينها القوة الوحيدة في وجه الاستعمار البريطاني، وبالتالي المصدر الملهم لطبقة المثقفين وقتها. وهكذا فقد شكّلت الروية الفرنسية للعالم طريقة تفكير المثقفين المصريين . وأصبحت حركة التنوير الفرنسية هي المعيار ، وباتت العلمانية الفرنسية هي النموذج المحتذى ، فبالرغم من أن المثقفين المصريين وقتها لم يتبعوا نموذج أتاتورك المتطرف ضد الدين إلا أنهم ودون إدراك لم يختلفوا كثيراً عنه. فهم لم يتناولوا أهمية الدين والدور الذي يلعبه في
المجال العام ومن ثَم تجاهلوا تماماً العامة وتبنوا أفكاراً مناهضة للغرب ورافضة للحوار معه.

ينهي تادروس الجزء التاريخي في مقالته بأن "مشكلة الليبراليين وقتها أنهم قرأوا لفولتير Voltaire و روسو
Rousseau ولكن لم يقرأوا سطراً واحداً لادموند بيرك Burke "

للرجوع للمقالة كاملةً يرجى اتباع الرابط التالي:
http://blogs.the-american-interest.com/middleeast/2011/03/29/egypt-for-real/

الخميس، ٥ مايو ٢٠١١

في حق الشيوعيين في العمل السياسي في مصر

كتابة إسلام إبراهيم حسين

أنا ليبرالي و لا أتفق في كثير، إن لم يكن في معظم، الأمور مع الاشتراكيين أو الشيوعيين. لكن هذا الأسبوع أثير إلى إنتباهي مقالة عن مقابلة بين شيخ الأزهر و بعض أعضاء الإخوان المسلمين، و فيها تناولوا العديد من الأمور المتعلقة بالعمل السياسي الإسلامي في مصر. لن أتداول محتوى هذه المحاورات، فالإسلاميين لهم حق المشاركة السياسية في مصر مثلهم مثل أي مجموعة أخرى، دينية كانت أم لا. لكن في أخر هذه المقالة، قرأت: 
أضاف أن التيار السلفي يرفض فكرة إنشاء حزب سياسي شيوعي لأنه يخالف الدستور والشريعة الإسلامية وهذا يعتبر خيانة كبري لمصر ويهدد الاستقرار الذي ينشده الجميع ويجب التصدي بكل قوة لهذه الأفكار الهدامة.
فبالرغم من اختلافي مع الشيوعيين في الكثير من الأمور، لكني، من موقفي و مبدئي الليبرالي، سأدافع عن حق الشيوعيين و الفئات الأخرى ذوي الدوافع الدينية (و هذه تشمل السلفيين أنفسهم) أو الغير دينية في طرح رؤيتهم في كيفية تحقيق التقدم في مصر. إن كانت رؤيتهم هدامة، فليقم الإخوة السلفيين بالشرح العقلي لماذا هذه الأفكار هدامه و غير مجدية، أو كيف أنها  مخالفة للشريعة الإسلامية. إن كانت أفكارهم هدامة، فلماذا منعهم من تكوين حزب سياسي؟ إنهم سيخسرون أيا كان إن استطاع السلفيون توضيح ضعف مقترحاتهم للمواطن المصري. و إن لم يستطيعوا ذلك، فربما يكونون على حق في نقدهم، و لو كان الوضع كذلك، فسوف تفشل سياسة الشيوعيين فشل ذريع و سيثبت موقف السلفيين السابق ثبات قوي لا شك فيه. أما إذا ثبتت أن سياسة الشيوعيين فعالة و مجدية، فكلنا سننتفع بها. 

هذا غير جميع المشاكل الأخرى التي تتبع أي قمع سياسي. فإن كان الشيوعيين فعلا يمثلون خطر على البلد بفلسفتهم، فقمعهم سيجعل منهم طائفة تجذب الناس فقط كونها مقموعة، فنجعل منهم أبطالا يجتذبون الشباب و المتمردون. و هذا لن يكون في صالح البلد أيضا.  

و أخيرا، ما يعطي السلفيين الحق في التشكيك و إتهام الشيوعيين بالخيانة؟ الشيوعيين مصريين، لهم حق التواجد و ممارسة حياتهم في مصر مثلهم مثل أي إنسان مصري أخر. و لا يجب أبدا في التشكيك في حبهم لمصر. إن اختلفنا معهم، فهذا ليس لأننا نحتقرهم  أو نكرههم أو نشكك في نواياهم (التي لا يعلمها إلا الله) و حبهم للوطن، و لكن لأننا لسنا على قناعة بأن سياساتهم صحيحة. و بيننا و بينهم صناديق الانتخاب و النتائج على أرض الواقع.  

فأيا كانت الحقيقة، بجعل الشيوعيين ممارسة حقوقهم السياسية مثلهم مثل أي مجموعة أخرى، كلنا، و هذا يشمل السلفيين، نفوز لأن مصر ستفوز. 

الأربعاء، ٤ مايو ٢٠١١

الأحزاب المصرية ما بعد ٢٥ يناير: رنين الشعارات و فضاء المضمون

كتابة هدى عثمان

تابعت باهتمام في الآونة الأخيرة الحراك السياسي في المشهد المصري وخاصة ولادة احزاب جديدة وبالاخص ما انشأته شخصيات برزت بقوة أثناء الثورة من مفكرين وسياسيين وفنانين والشباب من نشطاء الحركات المعارضة قبيل 25 يناير.

وقد لاحظت أن كثيراً من هذه الاحزاب تحمل أسماءً رنانة وترفع شعارات الليبرالية والديمقراطيه والعدالة الاجتماعية مستغلة رواج هذه المعاني في الشارع السياسي كنتيجة مباشرة للرومانسية الثورية التي لا تزال تدغدغ أحلام الأغلبية. وبهدف الفهم المبدئي لماهية الاختلافات بين هذه الاحزاب قمت بمراجعة سريعة للمؤسسين و كذلك البرامج المطروحة وأهداف كل حزب كما هو مذكور في موقع الإنترنت الرسمي له أو من خلال التقارير الصحفية التي أعلنت نشأته. ولقد أصبت بخيبة أمل كبيرة ثم قررت أن أنحيها جانباً حتى اتمكن من تحليل وضع هذه الاحزاب بشكل موضوعي، وتوصلت الى عدد من الملاحظات الأولية .

تتسم برامج بعض الاحزاب بالتشوش أو التعميم الخالي من أي محتوى حقيقي لسياسات إقتصادية أو إجتماعية محددة، فكل ما تطرحه هذه الاحزاب هي أهداف عامة (اصلاح سياسي اجتماعي إقتصادي تعليمي) هكذا بمنتهى التسطيح وبدون الاشارة إلى توجه بعينه. فحزب العدل مثلاً يدعو إلى "تنمية اقتصادية مستدامة تحقق الرفاهية لكل المصريين" دون الاشارة إلى اليات تحقيق هذه "الرفاهية" فهناك فلاحون وعمال ورجال أعمال ولكل مصالح متعددة يجب على الأحزاب فهمها واستخدام البرنامج الانتخابي المناسب لكل فئة.

هناك احزاب أدهشتني الاختلافات الاديولوجية لمؤسسيها وتجمع عدد من الوجوه ذات الإتجاهات المتضاربة في موقع واحد، فحزب المصريين الأحرار يضم جمال الغيطاني ذي التوجه الناصري، ويوسف القعيد عضو حزب التجمع الإشتراكي ورجل الاعمال نجيب ساويرس الذي اتوقع أن تكون ميوله تجاه آليات الإقتصاد الحر وتقليص القيود التي تفرضها الحكومة على بيئة الاسثمار، وهناك الحزب المصري الذي تأسس نتيجة ائتلاف حزبي "المصري الليبرالي- تحت التأسيس" والحزب "الديمقراطي الاجتماعي- تحت التأسيس" وذلك بقيادة دكتور محمد أبو الغار ودكتور عمرو حمزاوي، وبالنظر إلى التركيبة الايدولوجية للحزب نجد أنه يضم تجمعاً غير متناغم من الليبراليين مع الديمقراطيين الاجتماعيين المحسوبين على اليسار المصري. ناهيك عن أن الحزب قد انشئ قبل أن يتم تحضير برنامجه السياسي كما صرح زياد العليمى عضو ائتلاف شباب الثورة والقيادي في الحزب، فقد تم الاتفاق على التحضير لاجتماع لكل أعضاء الحزب في شكل مؤتمر تاسيسى في غضون ثلاثة أشهر يتم خلالها تحضير برنامج أولى للحزب لتقديمه إلى لجنة الأحزاب. إن دل هذا على شيء فإنما يدل على تخبط واضح في ماهية الحزب وما سوف يقدمه للحياة السياسية من إثراء يزعمه مؤسسوه. وكذا هو الحال مع الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى الذي يجمع بين التيار اليسارى الديمقراطى والليبرالى الملتزم بالعدالة الاجتماعية. السؤال هنا: هل كان لهذه الشخصيات أن تجتمع على أهداف سياسية موحدة قبل الثورة؟ هل نتوقع إتفاقاً وتناسقاً في سياسات حزب أسسته تيارات مختلفة في الافكار الاقتصادية التي تتبناها؟

رغم إختلاف الأهداف والمسميات إلا أن الأحزاب المصرية (القديم منها والجديد) تفتقر إلى المحتوى الثري للبرنامج الانتخابي في نفس الوقت الذي تجتمع فيه على شعارات طنانة تسيء فيها إستخدام مصطلحات الليبرالية والديمقراطية والعدالة الاجتماعيه إما عن قلة فهم وحنكة سياسية أو بغرض كسب التأييد السريع قبل إنتخابات مجلس الشعب من خلال مداعبة مشاعر رجل الشارع الذي يتنفس شعارات الثورة "خبز حرية عدالة إجتماعية". في هذا السياق أود أن أشير إلى مقالة الأستاذ زياد بهاء الدين التي يحث فيها على وضع النقاط على الحروف من حيث التوضيح المفصل لماهية كل حزب ومعالجته لمفاهيم السوق الحر والعدالة الاجتماعيه ليشمل ذلك النظام الضريبي (كحزب لبرالي مثلاً هل تؤيد فرض ضريبة على الدخل دون الممتلكات؟ هل ستسقط ضريبة الأراضي الزراعية وتشجيع الفلاحين على التصرف في أراضيهم كما يبتغون)، ما تصورك لقضايا الدعم وتوزيع الموارد؟ ما مفهومك لإدارة الموارد العامة ودور الدولة في ذلك؟ إلخ

لن أؤمن بوجود حزب ليبرالي حقيقي حتى تكون له أيديولوجية واضحة تخاطب فئات مجتمعية بعينها يخدم اغراضها ومصالحها محققا مصداقيته السياسية والاقتصادية من خلال وضع برنامج إنتخابي ترسم معالمه خطط إقتصادية واضحة تتفق وأسس اللبرالية من تحجيم لدور الدولة وإحترام للحريات الدينية وحماية الممتلكات الفردية.
السياسة المصرية الداخلية 

بين شعارات محمد البرادعي و تفاصيل برنامجه الانتخابي

كتابة هدى عثمان

مع احترامي الشديد لشخص محمد البرادعي إلا أن حملته الانتخابية بدءًا بهذا الاعلان لا تدل على توجه سياسي معين فما معنى أن لا يمتلك مرشح رئاسي رؤية واضحة للنهوض بالتعليم والصحة والصناعة والزراعة وغيره ؟ ما معنى أن يأتي "بأفضل" الخبراء في كل مجال ليرسم خطط التنمية الإقتصادية والاجتماعية ؟ ماذا يقصد ب "أفضل"؟ من وجهة نظر من بالتحديد؟ بالطبع من وجهة نظر المرشح نفسه وهذا بالذات هو الذي سوف ينعكس على إختياره لهؤلاء الخبراء. فلماذا لا يخرج البرادعي كمرشح رئاسي قوي وذو شعبية في أوساط كثيرة ببرنامج سياسي محدد يعكس ميوله للديمقراطية الاشتراكية كما أشار في مقابلته مع يسري فودة في وقت سابق من شهر مارس الماضي؟ 

اكرر قلقي حين أقول أن معضلة العمل السياسي في مصر هو إنعدام الرؤية وفي بعض الاحيان الإستخفاف بعقول الناخبين.

الثلاثاء، ٣ مايو ٢٠١١

للارتقاء بالحوار السياسي في مصر ما بعد الثورة

كتابة إسلام إبراهيم حسين

يتناول الأستاذ زياد بهاء الدين في مقالته بجريدة الشرق موضوع الحوار السياسي في مصر. ففي مقالته، يدعو الأستاذ بهاء الدين من الأحزاب المختلفة و مرشحي الرئاسة أن يجتازوا إستخدام الشعارات العامة التي ننشدها جميعا أيا كانت مذاهبنا السياسية. فمن المهم الآن أن يضع كل مرشح رئاسي و حزب سياسي تفاصيل كيفية الوصول إلى تلك الأهداف بصدق و صراحة، و من الذين سوف يستفيدون من تلك السياسات و من سينضرون. فمن غير هذا الحوار المفتوح لأن يحدث أي تقدم في البلد. أنا سعيد جدا لقراءة هذه المقالة و أناشيد رواد هذه المدونة أن يقرؤها و ينشروها إن استطاعو. 

ملحوظة: شكرا لهدى عثمان لشد إنتباهي لمقالة الأستاذ بهاء الدين. 

ما الذي يمكن أن تقدمه لنا الليبرالية الاقتصادية؟

كتابة إسلام إبراهيم حسين

ردا على السؤال الذي يطرحه الأستاذ وائل جمعه: ما الذى يمكن أن تقدمه لنا أحزاب الليبرالية المصرية الجديدة؟ أود أن أطرح هذه الإجابة. 

شكرا لهذا المقال المهم. تعليقي الوحيد كليبرالي هو أنه لا يمكن أن نحكم على الليبرالية بهذه السرعة في الدول الناشئة و الصاعدة إقتصاديا. لا الصين و لا الدول التي بدأت أن تتخذ الليبرالية الاقتصادية من دون الاجتماعية حتى الآن رأت جميع تداعيات سياساتها الحالية. الصين بالأخص سوف تطر للتعامل مع شعبها  الذي سيبدأ أن يطالب بحقوقه السياسية و الاجتماعية بعد أن تذوق فوائد الحريات الإقتصادية  (المحدودة).
 هناك ثلاث مغالطات في المقالة. الأولى هي ان الليبرالية الحقة لا تؤيد الرأس المالية المحكومة من الدولة مثل ما يحدث في الصين أو حتى في الولايات المتحدة. كونها محكمة من الدولة فهي ليست سوق حر كامل. هذا لا يعني أنه يجب  ان لا تكون هناك تطبيق القانون لحماية حقوق اطراف أي تعامل إقتصادي بين أفراد وتنفيذ العقود الملزمة لتلك الأطراف. و هذا أيضا لا يعني عدم إعطاء الحق للعمال في تكوين إتحادات مستقلة (مستقلة أيضا من الدولة) و حق الإضراب و المظاهرة. 
 المغالطة الثانية هي أن زيادة الفرق في الدخول بين الطبقات لا يعني أن الطبقات السفلى إقتصاديا أسوء حالا من وضعها لو كانت تلك الفروقات أقل. أي أنه مع تزايد الفرق في الدخول، دخول الطبقات الفقيرة أيضا تزيد مع الازدهار الاقتصادي في الدولة الليبرالية إقتصاديا و إجتماعيا. 
المغالطة الثالثة هي ان في السوق الحر، و بالرغم من فوارق الدخول، يكون التحرك بين الطبقات سهل جدا. أي أنه، تحت سيادة القوانين الحامية للحريات و المانعة للاحتكار و لتفضيل أي فئة فوق الأخرى،يستطيع  أي إنسان أو شركة مستقلة من دعم الحكومة من التقدم و الارتقاء الاقتصادي بسهولة جدا. فمن الممكن و السهل جدا إذن لأي شخص يحسن ما يقوم به من عمل من ان يرفع من نفسه و حاله الاجتماعي. 

الطريق إلى الرق

كتابة إسلام إبراهيم حسين

فريدريك فون حايك هو مفكر من رواد الفكر الليبرالي الحديث. فون حايك كتب الكثير في فلسفة، و قانون، و إقتصاد الفكر  الليبرالي و قد حصل على جائزة نوبل للاقتصاد في عام ١٩٧٤. من أشهر كتبه هو كتاب "الطريق إلى الرق". هذا الكتاب الآن متاح بالعربية في هذا الموقع