الجمعة، ٢٧ مايو ٢٠١١

فوائد التعددية

 كتابة إسلام إبراهيم حسين

التعددية في المجتمع شيء مهم و مفيد جدا. التعددية السياسية، التعددية العقائدية، التعددية الثقافية، أيا كان نوع التعددية، فهي شيء محبذ جدا في أي مجتمع عشان التقدم يتحقق. 

فمثلا التعددية السياسية مفيدة لأن كل نظرية أو فلسفة سياسية ليها حاجات هي صح فيها و ليها بعض نقاط الضعف. كل واحد طبعا شايف إن فلسفته هي الصح (و أتمنى أن يؤمن إنها برضو قد تحتمل الخطأ، كما قال الإمام الشافعي) و فلسفة الآخرين خطأ و تحتمل الصحة. فالتعددية السياسية أولا تسمح لكل فلسفة أن تقدم نفسها و حلولها لقضايا معينة  للمجتمع. ثانيا، كون  هناك تعددية، أصحاب الفلسفات الأخرى هيقومو بإبراز عيوبها و قصورها في حل قضايا معينة. و ده هيدي فرصة (تحت التعددية) إنو صاحب الفلسفة المنتقدة من توضيح نفسه بحرية، و إن كان أصحاب الفلسفة مالهمش رد جاهز للانتقادات الموجهة لفلسفتهم، فده يفرض عليهم إنو يراجعوها و يحسنوها، و يقووها. أو بمعنى آخر، لو صاحب الفلسفة المنتقدة مقتنع مية في مية إن فلسفته لا يمكن أن تكون خطأ، فده معناه إن فهمه ليها أو تعبيره عنها ينقصه شيء و يصبح الانتقاد فرصة لصاحب الفلسفة إنه يحسن فهمه ليها أو يحسن تقديمها للمجتمع، أو الاتنين! ففي جميع الأحوال، التعددية السياسية تفيد كل فكر سياسي، و كل صاحب فكر سياسي هو مهتم إنه ينشره. 

و المجتمع ككل يستفيد. فالحوار المفتوح بين جميع الاتجاهات السياسية يفيد المستمع كما هو يفيد المتحاورين. فبكدة يكون فيه وعي إجتماعي مبني على أحسن ما يقدر عليه أصحاب الأفكار السياسية. 

فمثلا، قادة الفكر الشيوعي و الاشتراكي هيقدموا و يحيوا فوايد المشاركة الاقتصادية. الليبراليين التحرريين هيقدموا و يحيوا فوايد الحرية الفردية في العقيدة و التجارة و الفكر، و السوق الحر الخالي من التدخل الحكومي. الليبراليين الديمقراطيين الاجتماعيين هيقدموا و يحيوا فضل السوق الحر المخلوط بالتدخل الاقتصادي الحكومي. الإسلاميين هايدعوا لأهمية التوجه الديني القيمي في مؤسسات الدولة الرسمية.  و نفس الشيء لكل توجه سياسي آخر، و التوجهات السياسية المختلفة داخل كل توجه من التوجهات الأساسية دي. و لكن في نفس الوقت، الليبراليين هيفكروا بعض الاشتراكيين و الديمقراطيين الاجتماعيين إن خلط الدولة بالمال و الاستثمار فيه مشاكل كتير مثل الفساد، و هبوط الإستثمار، و ضعف جودة الخدمة أو المنتج، الخ. الاشتراكي هيفكر بعض الليبراليين الرأس ماليين من مخاطر تحكم الشركات الخاصة على نظام الحكم، أو مخاطرها تجاه العامل من حيث الأجر و الصحة و التأمين ضد الحوادث المرتبطة بالعمل، و أيضا، مثلا، مخاطرها تجاه عملاء و زباين الشركات دي. و ذوي الميول العلمانية للدولة، مثلا، هيذكروا الإسلاميين بخطورة خلط الدين و السياسة و الدولة. 

الكل هيسيب الآخرين يشرحوا وجهة نظرهم بحرية، لكن هيكون لهم الفرصة متاحة و بحرية كاملة لانتقادهم، و للآخرين حرية كاملة للدفاع عن أفكارهم، و تحسين عرضها على الجميع. فمع الوقت كلنا نستفيد عن طريق تصحيح المفاهيم، تحسين أفكارنا و طريقة عرضنا لها، و زيادة ثقافة المجتمع ككل عن طريق الانفتاح لكل الأفكار دي. 

و نفس الشيء ينطبق على أمور الدين و الثقافة. التعددية أولا تفيد كل واحد فينا بأنها تسمحلنا جميعا حرية العقيدة و التثقف. ثانيا هي بتضمنلنا حق التعبير عنها و الدعوة إليها. و عن طريق إعطاء الأخرين حق الانتقاد، هيكون لنا حق الرد، و إن مكناش جاهزين بإجابة واضحة لنفسنا الأول، فهي تخلق ضغط علينا إنه إحنا نفهم أفكارنا و معتقداتنا صح أولا عشان نعرف نقدمها للآخرين بصورة أحسن (و إلا كنا بندفع و ندعو الى شيء إحنا نفسنا مش مؤمنين به، و ده نوع من عدم الصدق الفكري و العقائدي، أو أسوأ، نوع من التتابع الأعمي كتتبع الحمار لسائقه). و إن كنا خطأ نعترف بخطأنا، و إن ماعترفناش علانية، فعلى الأقل نعرف أنه موقفنا تجاه قضية عقائدية أو فكرة ثقافية معينة مكنتش مظبوطة أوي و من الأحسن نتركها و لا نعود إليها).

توضيح جانبي: و هنا لازم أوضح إن الليبرالية السياسية ليس من برنامجها إنها تفرض التعددية (شوية مذاهب ليبرالية، بالذات في كندا مثلا) تفرض التعددية عن طريق بعض القوانين. و ده من منظور سطحي يبدو مفيد، و هو فعلا ليه بعض الفوايد، لكن فرض التعددية في حد ذاتها تقف ضد مبادئ الليبرالية الحقة كونها نوع من فرض إرادة معينة على المجتمع ككل و ده ممكن يؤدي إلى التهكم على حريات الفرد أو شرائح معينة من المجتمع. لكن الموقف السياسي الليبرالي الحق لا يفرضها، لكنه بالتأكيد لا يمنعها.

لكن كوني إنسان ليبرالي ملوش أهداف سياسية في المقالة دي، أنا شايف إنه التعددية شئ جميل أتمنى إنو المجتمع المصري يتقبلها و يخليها جزء من كيانه. و ده بالتأكيد هيعود  على المجتمع بخير و ازدهار و قوة. و اللي لسة هيرفض  التعددية، فده حق محفوظ ليه في المجتمع المتعدد، و هيبقى جزء عزيز من المجتمع حتى لو كان رافض للتعددية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق