السبت، ٢١ مايو ٢٠١١

إلى الإسلامي: الليبرالية حامية لقيمك الأخلاقية و ليست ضدها

كتابة إسلام إبراهيم حسين 

هنا، أستخدم كلمات "ليبرالية" بمعناها الاجتماعي الذي يتسع لجميع أطياف الليبراليين عامة.

فالليبرالية أيها الإسلامي، نعم، هي حامية لقيمك الإسلامية!  

(و إن لم تكن، أيها القارئ، إسلاميا أو حتى مسلما، فأتمنى قراءة هذه المقالة إلى نهايتها، فلي عندك سؤال مهم في أخرها). 

قد تسأل، كيف و هي تدعو أن كل إنسان يأخذ الأمور بما يهوى؟ 

سأرد أن هذا "الهوى" يشمل أيضا هوى و حب الإسلام و مبادئه. فالليبرالية لا تدعو إلى هدم أخلاقك و مبادئك الإسلامية، بل تحترم إرادتك في اتخاذها مبادئ لك. 

و قد تسألني، لكنك بهذا المبدأ تحمي حق من لا يأخذ بتعاليم الإسلام و لا تشجعه عليها، فكيف تدعي أن الليبرالية تحمي القيم الإسلامية الأخلاقية؟ 

الدولة الليبرالية لا تشجع و لا تقف ضد أي فكر أو عقيدة، و لكنها تحمي حق الإنسان في التفكر و الاعتقاد بحرية. هي أيضا تترك لك حرية إقناع الآخرين في الدعوة للإسلام طالما أنك لا تستخدم أي أسلوب فيه عنف أو تهديد لحقوق الأخرين. فبهذا تضع الدولة الليبرالية على عاتقك أنت ، و ليس على عاتق الدولة، أن تقوم بالدعوة للإسلام بحرية. فأنت أحسن من يتحدث و يدافع عن معتقداتك مهما كانت واضحة و أساسية في الإسلام. أما إستخدام الدولة كأداة للعمل الدعوي عادة ما يستخدم لأغراض سياسية بعيدة عن الهدف الأسمى ألا وهو نشر تعاليم الدين. فهي تترك لك أنت هذه المهمة. و هذه أول طريقة تحمي بها الليبرالية مبادئك الإسلامية، فهي تمنع استغلالها لأغراض سياسية بحتة، و في ذات الوقت تتركك تعمل بحرية على الدعوة لمعتقداتك.  

لكنك ستسأل، هل هذا معناه إن الدولة الليبرالية لن تقوم بتطبيق الحدود الإسلامية؟ 

هذا سؤال متعلق بالتشريع. مجموع القوانين في أي دولة هي انعكاس لقيم المجتمع في البلد. فمؤسسات و أفراد المجتمع المدني الإسلامية يقوموا بالدعوة و نشر أفكارهم المتعلقة بتطبيق و قراءة معينة للشريعة، و على أفراد مجلس التشريع السياسين  بجميع أطيافهم، إسلاميين كانو أم لا، من إتخاذ قرارت سياسية تعكس إرادة من يمثلون في دوائرهم الانتخابية في ظل نظام ديمقراطي حر (عن طريق نظام الأغلبية البسيطة أو التمثيل النسبي).  

إذا لم يسن قوانين تتبع قراءة معينة للشريعة الإسلامية أنت تساندها، فهذا معناه أنه أنت و المنظمات الإسلامية الدعوية التي تساند تلك القراءات لم تقم بعمل جيد لإقناع فئات الشعب لمساندة هذه القراءات الإسلامية لجعلها جزء من قانون الدولة.  

موقف الدولة الليبرالية واضح و هو أنه لا يمكن إستخدام العنف أو التهديد به لإرغام أي مواطن (و أنت واحد منهم و لك نفس الحقوق و الضمانات) على كيفية ممارسة حياتهم الشخصية. و هي بذلك على توافق كامل بالآية القرآنية الواضحة أنه "لا إكراه في الدين". الدولة الليبرالية تضع على عاتقك دور إقناع الفرد بالطرق السلمية المبنية على التحاور لا الإرغام. 

فمن أهم معتقدات الليبرالي (مسلما كان أم لا) هو أنه أي فكرة أو تصرف عقائدي شخصي لا يستطيع صاحبها نشرها عن طريق الحوار السلمي، معتقدا أن إستخدام الترهيب و التهديد بالأذى البدني أو المادي هو الطريق الوحيد لنشرها، فإذا تلك الفكرة ضعيفة و فاشلة في مواجهة الأفكار الأخرى. الفكر لا يواجه إلا بالفكر و الحوار، لا بالإكراه و لا بالتهديد و لا بالتخويف. 

فالدور علي الآن أن أسألك، هل مبادئ و أفكار و حلول الإسلام للمجتمع، هل هي ضعيفة لا تستطيع مواجهة الأفكار الأخرى المنافسة لها إلا بأساليب الترهيب و التخويف؟ 

أنا مسلم و أؤمن أن الإسلام قوي و يستطيع أن يدافع عن نفسه عن طريق أفعال و أقوال و أفكار أبنائه و بناته المسلمين و المسلمات من إقناع الآخرين بمبادئه، و إن لم يستطيع أبنائه و بناته إنجاز ذلك عن طريق الحوار و الإقناع، فهذا ليس بسبب ضعف الإسلام، لكنه دليل على ضعف قدرات أبنائه و بناته على الإقناع. فبدلا من ان نصب عقوبات على من لا يتخذ من الإسلام منهجا (مشوهين بذلك أفكار و معتقدات الإسلام الجميلة في عالم جديد قائم على التنافس الفكري لا الحربي و لا العنفي... فهذا حيث ما ثقفنا عالمنا اليوم)، يجب على المسلم المهتم بنشر الإسلام أن يسأل نفسه كيف قصر و كيف يحسن من أدائه لإقناع الأخرين. 

و دعني أيضا أسألك؛ هل هناك فائدة من إرغام أي شخص على فعل شيء حسن؟ فكيف يستفيد شخص من الصلاة في هذه الدنيا أو الآخرة لو لم يؤمن بها أصلا؟ 

و للحديث بقية، و لكن... 

لو أعجبك الكلام المكتوب أعلاه، أتمنى أن تعجبك الجملة القادمة هي الأخرى: إن لم تكن، أيها القارئ لهذه المقالة مسلما، فقم باستبدال "إسلام/مسلم/إسلامي" بأيا كانت عقيدتك و سوف تجد لك مكانا في مجتمع ليبرالي حر الكل يحترم فيه الآخر و عقائده و يكون الاعتقاد مبني على إرادة حقيقية و ليست على إرادة شخص أخر حيث تكون عقيدة هشة في مجتمع هش لا يؤمن بشيء غير لغة الفرض.


هناك ٧ تعليقات:

  1. جميل جداً جداً .. لافُض فوك يا دكتور . Nour Pharma

    ردحذف
  2. انت معلم انا حانشرها على مدونتى اذا سمحت

    ردحذف
  3. لو سمحت اتفضل طبعاً. و شكراً على التشجيع. لو عجبك المدونة، اتمنى متابعتنا على تويتر وفيسبوك.

    ردحذف
  4. و لو ممكن تحط وصل للمدونة يبقى شيء عظيم.

    ردحذف
  5. متقلقش انا حانشرها بالمصدر والناس حاتقراها من خلال مدونتك وياريت تبقى تشرفنى انت كمان فى مدونتى

    ردحذف