كتابة إسلام إبراهيم حسين
لقد لاحظت هذا التعليق على حساب التويتر للإخوان المسلمين. فطبعا أثارت إهتمامي ولكني حين قرأت المقال (الذي كتبه الدكتور رفيق حبيب) المذكور في التعليق وجدته ممتلئ بالكثير من المغالطات و الأخطاء. سأقوم في هذه المقالة بتصحيح المفاهيم الخاطئة في مقالة الدكتور حبيب. و سوف أحاول أيضا أن أوضح كيف أن مجتمع إسلامي كامل يمكن أن يوجد تحت نظام حكم ليبرالي، و أن الليبرالية و الإسلام (بل و أي دين أو عقيدة أخرى) لا يتعارضان كما يدعي البعض.
أولا:
فالليبرالية تمثل فرعا من فروع العلمانية، وهي تقوم أساسا علي قيمة الحرية الفردية باعتبارها القيمة الأولي بالرعاية، أي القيمة العليا التي يعمل النظام السياسي علي تحقيقها، وبجانب الحرية الفردية، تعمل الليبرالية علي تحقيق قيمة الرفاهية المادية، وأيضا قيمة السوق الحرة. وبهذا تتشكل الليبرالية كفلسفة علمانية وضعية، أي دنيوية، حول قيمة الحرية الفردية. أما الشيوعية، فهي أيضا فلسفة علمانية وضعية، أي دنيوية، وتقوم أساسا علي قيمة المساواة، بوصفها القيمة الأولي بالرعاية. حيث تعمل الشيوعية علي تحقيق المساواة الكاملة والمتطابقة بين الجميع، وبجانب المساواة تعمل الشيوعية علي تحقيق التنمية والتقدم. وبهذا تختلف الشيوعية عن الليبرالية، في القيمة الأولي بالرعاية، حيث تعمل الدولة الليبرالية العلمانية علي تحقيق الحرية الفردية قبل أي قيمة أخري، وتعمل الدولة الشيوعية علي تحقيق المساواة قبل أي قيمة أخري. ولكن كلاهما يمثل فكرا علمانيا دنيويا، وبينهما العديد من التيارات البينية.
مع أن أغلب ما يصف الكاتب الليبرالية به هو صحيح (الحرية الفردية مثلا)، الليبرالية كمنظومة فكرية هي لا ضد الدين و لا معه. بل تترك للفرد و المؤسسات الاجتماعية الدينية المبنية على حرية المشاركة حق التعبير و الدعوة بلا منازع. و بالطبع، فبما أن أفراد المجتمع لهم حق الانتخاب و التصويت، فسيكون لهم صوت في تشكيل قوانين المجتمع. و سيكون لهم كل حق في وضع و تنفيذ أي قوانين على أنفسهم و على أعضاء جماعاتهم (تحت فرض أنهم أعضاء بناءا على إرادتهم الحرة بلا غصب أو إعتداء على حريتهم). فى بعض الشؤون لن يكون هناك إختلاف بين إرادة أفراد المجتمع ككل و بعض المؤسسات و المنظمات الدينية. فمثلا، سيكون هناك عقوبة للسرقة في المجتمع الليبرالي. ماذا ستكون العقوبة؟ المسلمين مثلا سيريدون وضع حد قطع اليد. إما بالتصويت المباشر أو عن طريق السلطة التشريعية من الممكن أن يستطيعون أن يجعلوا قطع اليد هو عقوبة السرقة. و إن لم يفعلوا، فمن الممكن أن يطبقوا هذا الحد فقط على أعضاء مؤسساتهم (تحت فرض أنهم أعضاء بناءا على إرادتهم الحرة بلا غصب أو إعتداء على حريتهم و تحت عقود موثوقة تثبت ذلك). فبهذا، الليبرالية لا تمنع تطبيق تعاليم و شريعة أي دين طالما أنها تطبق على أناس أحرار اختارو هذا التطبيق بحرية و بلا غصب.
ثانيا:
وفي الليبرالية، لا تكون حرية الفرد مطلقة، فهي محكومة بالدولة والنظام السياسي، فيصبح الفرد حرا في حدود النظام السياسي والقانوني، وليس في حدود النظام الاجتماعي. ففي الليبرالية تكون الدولة هي الكيان الذي يحظي بالرعاية والتأمين.
كما أوضح هنا، في الدولة الليبرالية هناك إحترام شديد لسيادة القانون الذي يحمي، لا، ليس الدولة، بل يحمي حق الفرد في المجتمع. يحمي حقه في ممارسة دينه كما يرى هو صحيحا و بمسئوليته. الدولة ليس لها أي حق أو صفة تعلو على حقوق المواطن. الليبرالية، أولا و أخيرا هي ضمان لكل أفراد و جماعات المجتمع (الدينية منها و الغير دينية) في ممارسة عقائدهم بحرية كاملة.