السبت، ٢٨ مايو ٢٠١١

الإسلام و طريق الحرية

كتابة إسلام إبراهيم حسين

في هذا الفيديو يشارك المفكر الإسلامي (الليبرالي) التركي مصطفى أكيول بأفكاره عن الإسلام و الحرية. ها هي النقاط الأساسية التي يناقشها في هذه المحاضرة:
  1. في زيارة له إلى مكة المكرمة، وجد أن الرجال و النساء يصلون و يطوفون معا جانبا إلى جنب في الحرم الشريف. لماذا هذه الملحوظة مهمة؟ مهمة لأن هذا هو المكان الوحيد في المملكة السعودية التي يمكن للرجال و النساء الاختلاط فيه! و ليس هذا فقط، لكن إذا كان هناك مكان في الأرض هو كما كان أيام رسول الإسلام عليه السلام، فهو الكعبة. فهذا معناه أنه حتى أيام الرسول الكريم، كان محيط الكعبة به رجال و نساء يصلون و يطوفون جانبا إلى جنب.
  2. أضف إلى ذلك أنا عزلة النساء لا تجده في القرآن بالمرة. عزلة النساء في المجتمع جاءت بعد الرسول عليه الصلاة والسلام بوقت طويل كنوع من الرجوع إلى العادات التي كانت موجودة قبل عهد الرسول. و هي عادة استمدها أهل بلدان الشرق الأوساط من البيزنطيين. 
  3. هذا ماهو إلا مثال واحد على ظاهرة عامة في "ثقافة المسلمين". فهناك جوهر للإسلام واضح و لكن في بلدان الإسلام، أضاف المجتمع عادات ليست من ضمن هذا الجوهر الإسلامي و أعطته صفة إسلامية. 
  4. هناك درسين في هذا: أولا، المسلمين الحريصين على دينهم بحق يجب أن يفرقوا بين عادات مجتمعاتهم اللاسلامية و و تعاليم الإسلام الحقة. ثانيا، على الغير مسلمين أن يحرصوا ألا يحكموا على الإسلام بناءا فقط على أفعال  المسلمين. فقد تكون هذه الأفعال منسوبة إلى الإسلام بالخطأ و هي لا تمط للإسلام بصلة و ما هي إلا عادات إجتماعية رجعية من قبل عصر الإسلام.
  5. فمثلا، الختان للأنثى ماهو إلا عادة موجودة فقط بين الشمال إفريقيين و ليست مستمدة من الإسلام. فهي عادة تمارس من قبل قدوم الإسلام و حتى إلى هذا الوقت، يمارسه الشمال إفريقيين من غير المسلمين. نفس الكلام ينطبق على القتل بسبب جرائم الشرف كمثال أخر. 
  6. هذا ليس كل إهتمام أكيول، فهو أيضا مهتم بالثقافة السياسية، و بالأخص ثقافة الحرية و الديمقراطية في مقابل ثقافة الإستبداد، و بالأخص النظم الإسلامية المستبدة مثل السعودية، و إيران و أسواؤهوم على الإطلاق هو نظام الطالبان في أفغانستان. فمثلا في السعودية هناك البوليس الإسلامي الذي يفرض على النساء لبس النقاب، مثلا. و قد سأل أكيول نفسه، هل هذه الظاهرة هي فقط مرتبطة بالإسلام و المسلمين؟ فوجد أن الإجابة هي لا! ففي تركيا مثلا هناك بوليس ملحد  يفرض على النساء عدم لبس الحجاب. ففرض عدم ارتداء الحجاب يعد في مرتبة فرض لبس الحجاب، فكلاهما فكر استبدادي يفرض على النساء الظهور بشكل معين. فكلاهما نوع من الإستبداد لأنه لا يعطي المرأة حق الإختيار في اللبس. فهذا دليل على أن الإستبداد هو ثابت في الفكر في هذه المنطقة و ليس محدود فقط للمسلمين. 
  7. هذا كان دافع لكتابة كتابه  "الإسلام بدون تشدد: موقف إسلامي  للحرية". فالإسلام بحثه على مسئولية و حقوق الفرد بذاته قدم فكرة الفرد و الفردية للشرق الأوسط، على غرار الفكر الجماعي الذي كان موجود أيام قبائل ما قبل الإسلام. فهذا دليل على أن الفكر الجماعي الغير فردي، مستمد من العادات و التقاليد التي سبقت الإسلام بإحترامه للذاتية و للفرد. فليس هناك مثلا حد للردة في القرآن، و لا حد لشرب الخمر ايضا! هذه الحدود التي هي مقلقة للكثيرين جاءت في وقت لاحق و ليست مستمدة من الإسلام. فالمسلم الواعي يعرف أن بعض تلك الحدود جاءت في وقت لاحق تم الوصول إليها طبقا لترجمات عصر معين مثل العصور الوسطى، و هي لا تنفع للعصر الحالي بمستجداته.
  8. و من الباعث للأمل هو أن هناك، في القرن ال ١٩،كانت حركة إصلاحية إسلامية ليبرالية كاملة مكونة من مفكرين و علماء دين ممن انفتحو و زارو الغرب و رأو الكثير مما أثار إعجابهم مثل التقدم التكنولوجي، الديمقراطية، النيابة البرلمانية، و المساواة، و رأو أنا ليس هناك تعارض بين الإسلام و الكثير من هذه الأفكار و التوجهات الموجودة في الغرب. و رأو أيضا أن هناك الكثير من التفاسير و الترجمات للإسلام التي هي فعلا ليست من جوهره و رأو أنه يجب مراجعة تلك الترجمات و التفاسير. فمن نتيجة ذلك تقبلهم لفكرة المساواه بين المواطنين،أيا كانو مسلمين، مسيحيين، أو يهود. و كذلك تقبلهم لفكرة الديمقراطية، و النيابة البرلمانية، و الدستور، و الحريات الذاتية. و سوف ترى هذه الاتجاهات في الدولة العثمانية في أواخر أيامها و كذلك في بعض الدول العربية.
  9. لكن في القرن ال ٢٠ بدأت تلك الحركات المتطلعة للتجديد في الانكماش. و بدلا لها ظهرت الحركات الإسلامية السياسية، التي كان طبعها حاد، عادة ما تكون استبدادية التطلع، معادية للغرب و لها نظره مثالية خيالية (utopian). و من ضمن أكثر هذا الطيار تشددا هو ظاهرة الإرهاب التي يؤمن (كما أؤمن أنا) مصطفى أكيول أنها ليست من الإسلام على الإطلاق. 
  10. لكن هنا يثار سؤال مهم: لماذا إذا كان الإسلام بنظرته المنفتحة الليبرالية ذو شعبية في القرن ال ١٩، لماذا جاء بدلا منه الإسلام المتشدد في القرن ال ٢٠؟ أولا، خلال القرن ال ١٩، المسلمون كانو ينظرون إلى الغرب كمثال يحتذى به. في القرن ال ٢٠ أصبح الغرب مستعمرا، و كما أن كان هناك حركة إستعمارية، فكانت هناك حركة مضادة للاستعمار. فأصبحت أوروبا عدو و ليست مثالا. و هذا أدى إلى الكثير من الرجعية و الالتفاف حول القومية ألعربية، فالاشتراكية إلى أن انتهى بها المطاف إلى الإسلام السياسي المتشدد. و زاد التين بله حين استبدل الاستعمار الغربي بنظم علمانية ديكتاتورية. و زاد من الموقف سوءا أن بعض القوى الغربية ساندت تلك الديكتاتوريات مما زاد كره الإسلاميين للغرب و إستخدامهم للغرب (و بالذات الولاية المتحدة) كعدو، و بالذات أن تلك الديكتاتوريات قمعت الاسلاميين بشدة مما جعل لهم قضية يحاربون من أجلها.
  11. هذا حدث في جميع دول الشرق الأوسط ماعدا تركيا. فتركيا لم تستعمر من أحد، و لذلك نظرتها للغرب ليست بنفس السلبية كنظرة شعوب  دول المنطقة الأخرى. ثانيا، تركيا كان بها ديمقراطية قبل الدول الأخرى في المنطقة. في ١٩٥٠، كان هناك إنتخابات ديمقراطية أنهت الحكم الأتقراطي المستبد السابق للانتخابات. و قد رأى المسلمون الأتراك أنه هناك طرق لهم لتغيير النظام بصورة ديمقراطية. فكانت الديمقراطية صديقة لهم و ليست عدوة. 
  12. ثانيا، في ال ٢٠ سنة الماضية، شكرا للعولمة، و إقتصاد السوق، و نمو الطبقة الوسطى، عاد ظهور حركة إسلامية تقدمية ليبرالية رأت مشاكل في نظرة التراث القديم، و بداءت أن تحللها و تعيد النظر فيها لتقديم رؤية حديثة تلائم العصر الحالي. و لهذا، الإنضمام إلى الاتحاد الأوروبي قوبل بالموافقة من قبل مسلمي تركيا، لأن من منظورهم، أوروبا ليست عدو. 
  13. و لهذا، نجحت تركيا في خلق حركة إسلامية متماشية مع الديمقراطية بل و أيضا ساهمت تلك الحركات في تكوين شكل المجتمع التركي الحديث. 
  14. و مع الحركات التحررية التي بدأت في تونس و مصر بداءت الشعوب إعادة إحياء نفسها بطبيعتها الدينية المحافظة و التي لم تكن كما حذر الدكتاتوريين شعوب متعصبة متشددة إسلاميا. و بالطبع هذه العملية سوف تأخذ وقتها تجاه الحرية و الليبرالية التقدمية، بطريقة تناسب تاريخها، و مجتمعها بتحدياته، و يجب أن يعطو الفرصة كاملة لتحقيق ذلك.
يمكنك الحصول على كتاب مصطفى  أكيول بعنوان "الإسلام بدون تشدد: موقف إسلامي للحرية" عن طريق أمازون.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق